تزايد حوادث الطيران في إيران(تفاصيل)

الموريتاني : أجمعت أوساط إيرانية على أن العقوبات الأميركية على قطاع النقل الجوي تشكل العامل الرئيسي في تكرار الحوادث التي عرضت حياة الركاب للخطر، في حين يرى آخرون أن مخاطر انعدام الرقابة وتهالك الأسطول الجوي لا تقل خطرا عن العامل الأول.
وشهد قطاع النقل الجوي في إيران مؤخرا حوادث عدة تمثلت في انحراف عدد من الطائرات عن المدرج أثناء الهبوط، منها ما شهدته مطارات مدن ماهشهر (جنوب غرب) ومشهد (شمال شرق) وجرجان (شمال) وتبريز (شمال غرب) وكرمنشاه (غرب).
كما نفذت طائرة ركاب إيرانية عملية هبوط اضطراري في مطار مهر آباد في طهران بعد تعرضها لعطل فني أثناء رحلتها من مطار الإمام الخميني الدولي إلى إسطنبول التركية، وذلك بعد تحليق استمر أربع ساعات في سماء العاصمة وشمال غرب مدينة كرج لتفريغ البنزين.
وأثار تزايد حوادث الطيران إلى جانب إلغاء العديد من الرحلات الداخلية تساؤلات بشأن الأسباب، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن معاناة الأسطول الجوي المتهالك بفعل العقوبات الأميركية والدولية، فضلا عن الخسائر المادية والمعنوية التي أضحى يتكبدها القطاع جراء تزايد مخاوف وهواجس زبائنه.
عقوبات خانقة
شهدت إيران شبه إجماع عقب تزايد الحوادث الأخيرة فيها على تأثير العقوبات الأميركية في خنق الخطوط الجوية، إذ أكد عضو لجنة الإعمار في البرلمان الإيراني علیم یار محمدي أن العقوبات الأميركية تركت تداعيات سلبية على الأسطول الجوي وعرضت أرواح الناس للخطر.
وأشار البرلماني الإيراني إلى أنه لا يمكن غض البصر عن تأثير العقوبات الأميركية على قطاعات النقل الجوي والبري والبحري في إيران، مؤكدا أنه لا بد أن نبحث عن سبب تزايد حوادث الطائرات في إيران خارج حدودها، وفي العقوبات الأميركية على وجه التحديد.
ولا تقتصر العقوبات الأميركية على حظر بيع الطائرات المدنية إلى إيران، بل شملت قطع الغيار وحالت دون تغيير قطعها البالية التي قد انتهت صلاحية استخدامها منذ فترة وعرقلت الصيانة الدورية، وفق يار محمدي الذي اعتبر تهالك قطع الغيار سببا ثانيا في تكرار حوادث الطائرات في إيران.

وفي السياق، رأى أبو الفضل موسوي نائب رئيس لجنة الإعمار بالبرلمان الإيراني أن تهالك الأسطول الجوي الإيراني يشكل عاملا آخر في حوادث الطيران المدني في البلاد، موضحا أن متوسط عمر طائرات الأسطول الجوي الإيراني يتجاوز 25 عاما، وأن الجهات المعنية لم تتمكن من تأمين قطع الغيار اللازمة بشكل كامل بفعل العقوبات.
فسخ العقود
بعد توقيعها الاتفاق النووي مع المجموعة السداسية أبرمت الحكومة الإيرانية أضخم عقد منذ 40 عاما مع شركة بوينغ لشراء ثمانين طائرة، لتحديث أسطول الخطوط الجوية الإيرانية على أن تتسلمها خلال عشر سنوات، لكن الشركة الأميركية اعتذرت عن الوفاء بالتزاماتها إثر انسحاب إدارة الرئيس ترامب من الاتفاق النووي وإعادتها العقوبات على طهران.
كما وقعت إيران عقدا لشراء مئة طائرة مدنية من شركة إيرباص الفرنسية تسلمت ثلاثا منها حتى عودة العقوبات الأميركية التي حالت دون استمرار عقد الشركة الأوروبية مثل نظيرتها الأميركية مع طهران.
ويتكون الأسطول الجوي الإيراني من 250 طائرة، مئة منها معطلة لأسباب تقنية، في حين تجاوز متوسط عمر أكثر من مئة طائرة أخری 15 عاما، وفق صحيفة آرمان ملي الإيرانية.
في المقابل، يذهب طيف من المسؤولين والمراقبين في إيران إلى أن انعدام الرقابة الرسمية على قطاع النقل الجوي والأخطاء البشرية لا يقلان أهمية عن تأثير العقوبات في زيادة حوادث الطيران.
أسباب أخری
اعتبر رئيس لجنة الإعمار في البرلمان الإيراني محمد رضا كوجي تراجع العملية الرقابية في قطاع الطيران المدني العامل الرئيس في الحوادث الأخيرة، واتهم منظمة الطيران المدني بالتقصير في أداء واجبها الرقابي.
وعزا عضو اللجنة القضائية في البرلمان الإيراني أبو الفضل أبو ترابي سبب تزايد الحوادث إلى سوء الأحوال الجوية، مؤكدا أن الطائرات التي انحرفت عن المدارج لم تكن متهالكة أو قديمة.
وأعاد مغردون إيرانيون على منصات التواصل نشر لقطات مما كشفه الكابتن الطيار أمين أمير صادقي قبل أشهر عن ممارسة شركات الطيران الإيرانية ضغوطا على الطيارين للتحليق في ظروف غير آمنة.
وقال صادقي في برنامج “حالا خورشيد” على التلفزيون الإيراني إن إحدى الشركات أرغمت طياريها على التحليق لفترة ثلاثة أسابيع بطائرة بوينغ 737 رغم الخلل الفني في جهاز المكابح، مؤكدا أن أغلب الشركات الإيرانية تعاني من صعوبات في تأمين قطع الغيار بسبب العقوبات الأميركية.
وأشار إلى أنه وأحد زملائه تعرضا للفصل المؤقت من العمل بسبب عدم رضوخهما للتحليق في ظروف غير آمنة لفترة ستة أشهر، مما أدى إلى اعتقاله لفترة وجيزة بتهمة نشر معلومات غير حقيقية، بعد رفع الشركة التي يعمل فيها دعوى قضائية ضده.اعلان
وكانت الولايات المتحدة أعادت فرض عقوبات على العديد من القطاعات الإيرانية بعد انسحابها من الاتفاق المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية لكبح برنامج طهران النووي