يشرّفنا أن نطلق هذا اليوم المفتوح للتوقيع على ميثاق المواطنة، في لحظة دقيقة يحتاج فيها وطننا - وبشكل ملح - إلى تعزيز قيم المواطنة، وترسيخ الوحدة الوطنية، وتقوية الشعور بالانتماء إلى موريتانيا الموحدة؛ موريتانيا الآمنة المستقرة، التي تتسع لكل أبنائها دون استثناء.
لقد اخترنا أن نعلن رسميا عن ميثاق المواطنة، وأن ننظم هذا النشاط المفتوح لتوقيعه، في هذا اليوم الذي يسبق الذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال الوطني، وذلك تأكيدا على الترابط القوي بين الاستقلال والمواطنة، وترسيخا لحقيقة مفادها أن الدولة الحديثة تقوم أولا على وحدة أبنائها، وعلى احترام الحقوق، والمساواة، وتقدير التنوع باعتباره عامل ثراء وتكامل، لا عامل تشتت وتنافر.
إن استقلالنا سيبقى ناقصا ما لم تترسخ قيم المواطنة، وتتعزز في نفوس الموريتانيين، وتصبح أكثر حضورا من أيةِ انتماءات ضيقة أخرى.
لن تكتمل المعاني الساميةُ لرفع العلم في ذكرى الاستقلال، ما لم نرفع معه عاليا راية المواطنة الحقة في نفوسنا، المواطنة القائمة على العدالة والمساواة والتعايش المشترك.
أيها الحضور الكريم،
إن ميثاق المواطنة الذي نطلقه اليوم يمثل إطارًا مرجعيًا مبنيًا على قيم العدالة، والتعايش، وتكافؤ الفرص، ورفض جميع أشكال التمييز، ودعم المشاركة الفاعلة في خدمة الصالح العام.
وهو بالإضافة إلى ذلك كله، يشكل دعوة مفتوحة لكل المواطنين لاعتماد خطاب جامع، يضع الانتماء الوطني فوق كل الانتماءات الأخرى.
ولذلك، فهو يدعو في بنوده إلى:
خطاب وطني جامع يقدِّم الموريتاني على أنه مواطن وكفى، وأنه لا يحتاج لإظهار أو إبراز أي انتماءات ضيقة أخرى للحصول على أي حق من حقوقه الوطنية المشروعة، أيا كان ذلك الحق؛
إنه يدعو إلى منح فرص متساوية لكل أبناء الوطن في التوظيف والممارسة السياسية والاستفادة من ثروات البلد، ويرفض كل أشكال التمييز والإقصاء في أي مجال من المجالات، كما أنه يسعى إلى تعزيز المشاركة في بناء الوطن، والوقوف بحزم أمام كل الخطابات الضيقة التي تذكي الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد.
أيها السادة والسيدات
إن يومنا المفتوح هذا سيتضمن ثلاث محطات رمزية:
1. التوقيع على النسخة الجدارية من الميثاق، في تعبير رمزي عن التزامنا الجماعي به؛
2. تسجيل مداخلة قصيرة لكل مشارك حول أهمية المواطنة والوحدة الوطنية؛
3. الدعوة الجماعية لاعتماد يوم 27 نوفمبر من كل عام يوما وطنيًا لترسيخ قيم المواطنة، نخلده في كل عام بشكل متزامن مع تخليدنا لذكرى الاستقلال، فنربط بذلك بين المواطنة والاستقلال، وكأننا نريد أن نقول من خلال رسالة فصيحة وصريحة أنه لا استقلال من دون مواطنة، ولا مواطنة دون استقلال.
إن نجاح هذا الميثاق لا يُقاس بعدد الموقعين عليه فقط، رغم أهمية ذلك العدد، وإنما يُقاس بمدى قدرتنا على فرض حضوره في الخطاب السياسي والإعلامي، وفي الإدارة، والمدارس، وعلى منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت هي الأكثر تأثيرا في صناعة الرأي العام، والتي أصبح البعض يروج من خلالها للخطابات الضيقة وللكراهية، ولكل ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التفكك والتشظي المجتمعي.
ويُقاس نجاح هذا الميثاق كذلك، بمدى قدرتنا على تحويل كلماته وجمله وبنوده إلى سلوك يومي نمارسه في المنزل والشارع والمكتب.
أيها الحضور الكريم…
إننا اليوم بحاجة إلى تعزيز وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي، لبناء حاضرنا ومستقبل أبنائنا على أسس متينة وصلبة، فلنعتبر هذا اليوم خطوة أولى في مشروع وطني يهدف إلى بناء موريتانيا متصالحة مع نفسها، معتزة بتنوعها، ومؤمنة بأن قوتها في وحدتها.
وأخيرا، فإنه يشرفني باسم لجنة الإشراف على ميثاق المواطنة، أن أتقدم بجزيل الشكر لكل من لبّى الدعوة، وساهم - من أي موقع - في إطلاق هذا الميثاق، والشكر موصول كذلك لكل من سيوقع الميثاق، ويقول بصوت عالٍ وواضح:
الوطن أولا… والمواطنة فوق كل انتماء...وموريتانيا تسع الجميع.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
---
ستكون هناك جلسة مسائية لتقديم المداخلات والتوقيع لمن فاتته الجلسة الصباحية.

