العالم يعيش في عصر الغاب؛ حين تخلى الإنسان عن الضمير، ففقد القيم، وفقد الإنسانية، ولم ينتمِ إلى دين، فوظّف الدين في خدمة المصلحة الشخصية وأطماعه الشيطانيّة. وجميع أهل الكتاب اختاروا الدين مطيّة يوصلهم لتحقيق أهدافهم الشيطانيّة؛ فاليهود، على مرّ التاريخ، وظّفوا كلمة الله لخدمة أنانيتهم وأطماعهم، وغدروا بكل الشعوب، واستباحوا كل شيء، وخدعوا الناس بأنّ الله اختارهم “شعبه المختار”.
وبتلك الصفة الكاذبة نجحوا في اختطاف عقول الجهلة في كل مكان، فتحكّموا في مصير العالم وثرواته، وحرفوا في كتبهم؛ التوراة والتلمود وغيرها، أن الله خلق الناس عبيدًا لليهود، ومن ذلك المنطلق يتعاملون مع الإنسان.
والمسيحيون أيضًا شنّوا حروبًا شعواء بينهم، وتفرّقوا فِرَقًا عدة، واشتعلت بينهم الفتن، وتحاربوا وتقاتلوا، وسقط منهم الضحايا بالملايين، وخاصة في الحرب العالمية الثانية.
وها نحن اليوم نرى النيران بينهم تشتعل، وأخشى أن يتسبّب الإخوة المسيحيون الأوروبيون والروس في حرب قد تفني العالم.
أمّا من ظنّوا أنهم مسلمون، فوظّفوا دين الرحمة والعدل والتسامح والإحسان في غزو الدول الغربية وغيرها باسم الإسلام، الذي حرّم العدوان في شريعة الله ومنهاجه.
يقاتلون أيضًا بعضهم بعضًا، فقدوا الضمير والإنسانية، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم. كل أتباع الأديان باعوا أنفسهم للشيطان، وصدّقوا وعده عند بداية خلق آدم، حينما خاطب ربه بقوله:
﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾
و﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ الأعراف: 17.
وقد صدق الشيطان في وعده، وما أحوج الناس اليوم إلى رسالة الله في قرآنه العظيم، ليستوعبوا عبر الماضي، ويعودوا بقلوب طاهرة وعقول متفتحة ليعيدوا قراءة القرآن، ويدركوا عظمة شريعة الله ومنهاجه، اللذين ينقذان الناس من الجحيم والظلم والأحقاد، ويوقفان سفك الدماء.
لقد خسرت البشرية تعطيل الآيات القرآنية، ووقعوا في مستنقع الفتن والجهل والفساد، واتبعوا الشيطان يسوقهم نحو حتفهم في الدنيا، ويستدرجهم إلى جهنم يوم القيامة؛ خسروا الدنيا والآخرة.
وليتذكّروا قول الله سبحانه:
﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ الزخرف: 68.

