المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: التدبر في القرآن

المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: التدبر في القرآن

المفكر العربي علي محمد الشرفاء

كل ما تقوم به المؤسسات الدينية مجرد مظاهر، لا علاقة لها بشرعة الله ومنهاجه، فما الذي يفيد الإنسان في حفظ الآيات القرآنية، أليس الأفضل  تدبره كما أمر الله سبحانه، مخاطباً رسوله عليه السلام آمراً إياه بقوله ؛ ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص -٢٩)

فالتدبر فرض إلهي، ليدرك الناس مقاصد الآيات ويعرفوا واجباتهم تجاه ربهم، وتجاه انفسهم وأسرهم ومجتمعهم، ويتعرفوا على ما في القرآن من شرائع وقواعد وقوانين تنظم حياتهم، وتعيد صياغة سلوكياتهم في معاملاتهم وعلاقاتهم مع أسرهم وجيرانهم ومجتمعهم، وتبين للإنسان مسئولياته تجاه شرعة الله ومنهاجه، للتمسك بهما ليتحقق للإنسان الحياة الطيبة، إذا اتبعهما وطبق ما جاء فيهما من القيم والأخلاق، كما تتحقق الطمأنينة للإنسان، حين يتبع هدى الله في حياته ويعيش سعيدا في يومه وغده، كما بينها الله للناس في الآيات القرآنية، ومنحهم حق اختيار أحد الطريقين كما يلي:

١- (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ﴾ (طه -١٢٣)

٢ – ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا  قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ﴾ ( طه – ١٢٤/١٢٥/١٢٦)

هذه الآية حين يتدبر الإنسان معانيها ومقاصدها يعيد النظر في مسيرته الدنيوية، ويصلح مساره نحو المستقبل، مؤمنا بالله مطيعا لأوامره ونواهيه، ويتحول إلى إنسان صالح يحيا في رعاية الله لا يمسه سوء أو ضرر، قانعاً بما وهبه الله من نعمة خير وبركة، تصبح للإنسان القناعة والرضا حين يقرأ قول الله سبحانه: ( مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل -٩٦)

إن توظيف القرآن للمناسبات والمؤتمرات والمسابقات يعتبر مقارنة مع أوامر الله بالتدبر في آياته والتفكر في تشريعاته نوعاً من الجهل والاستهانة برسالة الله للناس، وما في آيات الكتاب المبين والقرآن العظيم من شرائع وأحكام وقوانين، تنظم حياة الإنسان في الدنيا وتضئ له طريق الحياة السعيدة إن تمسك بها، وتوفر له حياة آمنة مستقرة إذا استطاع معرفة حكمة الله في آياته، وتبين له فيها أسرار الحياة السعيدة والمستقرة مع أسرته وأهله وأبنائه ومجتمعه، حين يسلك طريق الرحمة والمغفرة والتسامح والإحسان والعدل والإنصاف، والأخلاق الفاضلة

 ماذا وصف الله رسوله الأمين عليه السلام ألم يصفه بالخلق العظيم.. فمن أين يتعلم الإنسان الأخلاق أليس من القرآن الكريم والمنهاج الإلهي الذي تضمنته الآيات القرآنية .. ألم يصف الله رسوله بالرحمة حين خاطبه الله سبحانه بقوله : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء -١٠٧ ) إذا فمن أين يتعلم الإنسان الرحمة أليس من القرآن الكريم؟

 لماذا لا يكون دور الأوقاف تعليم الشباب أخلاق القران وصفات المؤمنين، ليكونوا مواطنين صالحين في وطنهم، لخلق جيل رحيم متعاون يحب الخير، عادل مسالم بنشر التسامح والمحبة بين إخوانه بني الإنسان ليست لديه كراهية ولا بغي ولا يعتدي على الآخرين وكثير من الصفات ولكن للأسف كما يقول المثل (فاقد الشيء لا يعطيه)

افيقوا يا من ظننتم أنكم مسلمون وقد هجرتم رسالة الإسلام وأهملتم دعوة الله لكم الذي يقول في كتابه: ( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (النحل – ٦٣/ ٦٤)

ذلك هو الهدف الرئيس من تلاوة القرآن، وتقصي الحقائق فيه، واتباع ما أمر الله الناس بالتمسك به،والعمل بهديه ليحقق للناس طريق الصلاح والخير ، في حياتهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، وليتحقق لهم الأمن والاستقرار، ويتولى أهل العلم تعليم النشء السلوك القويم، والنهي عن الظلم وقتل النفس، ومساعدة الفقراء وجزاؤهم عند الله الأجرالعظيم لتحفيزهم الطلبة نحو أعمال الخير، ورعاية الأبوين والتعامل بالكلمة الطيبة، والتسابق نحو الخيرات في سبيل الله.