على محمد الشرفاء يكتب .. الاسلام رسالة العدل والحرية والسلام لا دين الغزوات والعدوان...

على محمد الشرفاء يكتب .. الاسلام رسالة العدل والحرية والسلام لا دين الغزوات والعدوان...

لم يكن الاسلام في جوهره مشروعا للغزو ولا رسالة لفرض الهيمنة ولا دينا لتبرير القتل وسلب الاوطان بل جاء وحيا من الله ليكون منهاجا حضاريا يحرر الانسان من الظلم ويقيم العدل ويصون الكرامة ويؤسس لعلاقات انسانية قائمة على السلام والتعاون
لكن ما تعرض له الاسلام عبر التاريخ من تشويه كان نتيجة افعال بشرية نسبت الى الدين زورا حين حولوا الرسالة الربانية من مشروع هداية وعدل الى ادوات صراع وعدوان وغطوا جرائمهم باسم الله فكان الضرر اعظم على الاسلام من اعدائه
لقد وضع الله في الاسلام شرعة ومنهاجا لتكون خارطة طريق للحياة الفردية والجماعية تقوم على العدل والرحمة والمسؤولية والحرية ولم يجعلها دعوة لاحتلال ولا اعتداء ولا قهرا للشعوب
قال الله تعالى
﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ الشورى ١٣
فالاسلام في اصله وحدة قيم لا مشروع تفريق وصراع

...العدل اساس الحكم في الاسلام
لم يترك الله مسالة الحكم لاجتهادات اهواء البشر بل قرر مبدأ حاكما لا يقوم مجتمع بدونه وهو العدل وعدل الاسلام ليس موجها للمسلمين فقط بل للناس جميعا دون تمييز
قال الله تعالى
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ النحل ٩٠
وقال سبحانه
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ المائدة ٨
فالعدل فريضة حتى مع من نختلف معهم وليس رخصة تسقط عند الخصومة

....حرية الانسان في اختيار الدين والحياة
جعل الله الحرية ركنا اصيلا في الرسالة الاسلامية فلا اكراه في الدين ولا قهر على العقيدة ولا وصاية على ضمائر الناس
قال الله تعالى
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ البقرة ٢٥٦
وقال سبحانه
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ الكهف ٢٩
فهذه الايات تقطع الطريق على كل من ادعى ان الاسلام انتشر بالسيف او قام على الاجبار

.....تحريم العدوان وتجريم الحرب الظالمة
الحرب في الاسلام ليست اصلا ولا هدفا بل استثناء دفاعي تحكمه قيود اخلاقية صارمة ويمنع فيها الاعتداء بكل صوره
قال الله تعالى
﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ البقرة ١٩٠
وقال سبحانه
﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ المائدة ٣٢
فكيف ينسب للاسلام ما يخالف نصوصه القطعية في تحريم القتل والعدوان

...الشورى ومسؤولية الحاكم
لم يعرف الاسلام الحكم المطلق ولا التقديس السياسي بل قرر مبدأ الشورى وربط السلطة بالمسؤولية والمحاسبة
قال الله تعالى
﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾ الشورى ٣٨
وقال سبحانه
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ النساء ٥٨
فالحاكم في الاسلام مؤتمن لا متسلط ومسؤول لا معصوم

....التعاون والسلام قاعدة العلاقات الانسانية
لم يأت الاسلام ليعزل المسلمين عن العالم بل دعا للتعاون على الخير والبر ونبذ العدوان
قال الله تعالى
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ المائدة ٢
وقال سبحانه
﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ الانفال ٦١
فالاصل هو السلم لا الحرب والتعاون لا الصدام

...كيف شوهت الرسالة
حين تم اختزال الاسلام في خمسة اركان مجردة من مقاصدها وحين افرغت ايات القرآن من معانيها الحضارية وحين رفعت شعارات دينية لتبرير الغزو والقتل دفنت قيم الاسلام الحقيقية تحت ركام الجرائم فصار الاسلام متهما بافعال لا تمت الى كتاب الله بصلة
قال الله تعالى
﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ البقرة ٨٥

....الخاتمة
ان رفع الظلم عن الاسلام لا يكون بالدفاع العاطفي ولا بتبرير التاريخ بل بالعودة الصادقة الى القرآن مرجعا وحيدا وفهما شاملا يعيد للرسالة معناها الحقيقي رسالة عدل وحرية ورحمة وسلام للناس جميعا
قال الله تعالى
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ الانبياء ١٠٧