«سلطان الحكمة».. قائد النهضة والسلام

الموريتاني : مسيرة حافلة بالعطاء تلك التي قدمها السلطان قابوس بن سعيد الذي توفي الجمعة الماضي، دامت نحو 50 سنة، نجح خلالها في وضع السلطنة الخليجية على مسار التحديث والنمو، وحماها من النزاعات الإقليمية التي لعب فيها دور الوسيط الموثوق.

ولد السلطان قابوس في 18 نوفمبر سنة 1940 في صلالة في الجنوب؛ حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا وهو في العشرين من عمره.

اهتم السلطان قابوس منذ توليه الحكم في البلاد بتنفيذ مشاريع تنموية عديدة لرفع مستوى معيشة المواطن العماني، حيث ركز على إنشاء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الضرورية.

كان رحمه الله قائدا حكيمًا ومخلصًا وداعيًا وراعيًا للسلام والحوار بين الناس، فاستحق أن يكون سلطان الحكمة، وقد عمل على نهضة بلاده مع الحفاظ على هويتها شكلًا ومضمونًا.

داعمًا دائمًا للقضايا العربية والإسلامية في شتى المواقف، ورائدًا لنهضة سلطنة عمان الشقيقة.

السلطان قابوس بن سعيد، الذي رحل عن عالمنا، حول سلطنة عمان، على مدار ما يقرب من خمسة عقود في السلطة، من جيب معزول إلى دولة متقدمة تشتهر بدور وساطة هادئ، بين الأعداء حول العالم.

وللسلطان قابوس مواقف مشرفة طوال فترة حكمه لمساندة مصر، وخاصة في حرب أكتوبر 1973، حيث أطلق السلطان قابوس مبادرة تاريخية، عندما أصدر مرسومًا خلال حرب أكتوبر 1973، بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر، وإرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر.

واحتفظت سلطنة عمان بعلاقاتها مع مصر، عقب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس في العام 1977، وتوقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التي نتج عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر.

يتركنا هذا الرَّجل العظيم في قلوبنا، الشَّهم في أقواله وأفعاله، رجل الحكمة والسَّلام والوئام، يغادرنا إلى جوار ربٍ كريمٍ، مطمئنًّا بما قدَّمه لبلاده وشعبه وأمَّته من تقدُّم وازدهار ورفعة وسؤدد، يرحل تاركًا بصمته في كلِّ شبر من عُمان، وفي كلِّ المحافل العربيَّة والدُّوليَّة، فهو صاحب شخصيَّة عظيمة، يده بيضاء، وحكمته سديدة، ورأيه نافِذ، لم يبخل يومًا على الأمة جمعاء بحكمته وحنكته وخبرته، مادًّا جسور الصَّداقة والسَّلام مع كلِّ دول العالم.

إن قابوس «سلطان الحكمة» استغل الثروة النفطية لنقل بلاده من الفقر نحو التطور، مما جعله شخص مؤثر للغاية في الداخل. وعلى الصعيد الدولي، استخدم موقع عُمان في منطقة مضطربة، بجوار أحد أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم، ليصبح لاعبًا دبلوماسيًا سريًا ولكنه ضروريا.

كان المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس يدعو دائما أبناء هذا الوطن ويحذره من الانجرار أو الانجراف خلف كل مخرب ناعق أو مفتون حانق ، لأنهم ” نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العُمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا، ولا تقبل أبدًا أن تلقى فيها بذور الفرقة والشقاق “ / [ خطاب العيد الوطني الرابع والعشرين 1994م ].

رحم الله مؤسس عمان الحديثة وباني نهضتها المباركة جلالة السلطان قابوس بن سعيد وأسكنه فسيح الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ووفق خلفه السلطان هيثم بن طارق وجعله ذخرًا للبلاد والعباد.

بقلم: محمد عبدالمجيد على

زر الذهاب إلى الأعلى