آدرار : ثروة حيوانية ضخمة بين التحديات والفرص الاقتصادية .. تقرير

تعد ولاية آدرار، الواقعة في شمال موريتانيا، من المناطق التي حباها الله بثروة حيوانية ضخمة تلعب دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد المحلي ورفد العديد من الأسر بالمصادر الأساسية للعيش.

وتتوزع هذه الثروة بين الإبل والغنم والضأن، ما يجعلها من أهم الموارد الاقتصادية في المنطقة.

ورغم تزايد تحديات الجفاف التي ضربت الولاية في السنوات الأخيرة، لا يزال هذا القطاع يمثل حجر الزاوية في الحياة الاقتصادية لسكان آدرار، حيث يعتمد عليه حوالي 40% من السكان كمصدر رئيسي للدخل.

أرقام وإحصائيات: الثروة الحيوانية في ولاية آدرار

تشير الإحصائيات إلى أن ولاية آدرار تضم ثروة حيوانية تقدر بحوالي مليون ونصف رأس من الغنم، بالإضافة إلى حوالي 500 ألف رأس من الإبل، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة لهذه الثروة في حياة المواطنين.

تعتمد العديد من الأسر في الولاية على هذه الثروة كمصدر أساسي للعيش، سواء من خلال بيع الحيوانات أو استغلالها في الأنشطة الزراعية والحرفية.

أسواق الماشية: ديناميكية اقتصادية متنامية

نتيجة لهذه الثروة الحيوانية الهائلة، ظهرت عدة أسواق محلية خاصة بتجارة الماشية في ولاية آدرار.

من أبرز هذه الأسواق سوق “رگ الحيه” في مدينة أطار، والذي يُعتبر من أقدم الأسواق وأكثرها شهرة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، توجد أسواق أخرى في عواصم المقاطعات المختلفة، وهي أسواق تشهد حركة تجارية نشطة وازدياداً يومياً في عدد التجار والعاملين في هذا المجال.

ومع تنامي النشاط التجاري، تتسع دائرة التأثير الاقتصادي لهذا القطاع لتشمل العديد من الفئات الاجتماعية.

تحديات كبيرة تواجه تجار الماشية

على الرغم من الأهمية الكبيرة لتجارة الماشية في ولاية آدرار، إلا أن تجار الماشية يواجهون تحديات عديدة تؤثر بشكل سلبي على سير نشاطاتهم. من أبرز هذه التحديات:

  1. الفوضى وغياب التنظيم: تشهد الأسواق المحلية نوعاً من الفوضى في تنظيم عمليات البيع والشراء، ما يعطل حركة السوق ويجعل التجار في كثير من الأحيان يواجهون صعوبة في إتمام الصفقات التجارية.
  2. عدم وجود بنية تحتية ملائمة: تفتقر معظم أسواق الماشية إلى البنية التحتية المناسبة من طرق ومساحات لعرض الماشية ومرافق صحية، مما يزيد من معاناة التجار والحيوانات على حد سواء.
  3. نقص مصادر المياه: تعاني معظم “المرابط” (أماكن تجمع الماشية) من نقص حاد في مصادر المياه، ما يعرض الحيوانات للجفاف ويؤثر على جودتها وأسعارها في السوق.
  4. غياب التدخل الحكومي: رغم أهمية القطاع، إلا أن الحكومة لم تتخذ تدابير فعالة لتحديث هذا النشاط، حيث يقتصر دورها على تحصيل الإتاوات من الأسواق دون أن تقدم أية حلول لتحسين ظروف التجارة أو دعم التجار.

الفئات المستفيدة من تجارة الماشية

تجارة الماشية في ولاية آدرار ليست حكراً على التجار فقط، بل تنعكس فائدتها على فئات متعددة من المجتمع المحلي.

من بين الفئات المستفيدة نجد:

  • باعة الماء والعشب: الذين يعملون على توفير المياه والعشب للماشية في الأسواق، ويشكلون جزءاً مهماً من الدورة الاقتصادية.
  • عمال السلخ: الذين يتولون عمليات السلخ وتجهيز اللحوم، وهي مهنة ضرورية في عملية تزويد السوق بالمنتجات الحيوانية.
  • عمال النقل: الذين يساعدون في نقل الماشية بين الأسواق والمناطق المختلفة.

نداء المنمين: حماية الثروة الحيوانية وتحديث أساليب التسيير

في ظل هذه التحديات، تتعالى أصوات المنمين في ولاية آدرار مطالبة بتدخل حكومي عاجل لحماية هذه الثروة الحيوانية، خاصة في مواسم الجفاف التي تهدد بقاء العديد من الحيوانات.

وتطالب هذه الأصوات بضرورة الانتقال من الأساليب التقليدية التي مازالت تسود في تسيير هذا القطاع إلى أساليب أكثر حداثة وعقلانية.

يؤكد المنمون على أن تحديث قطاع الماشية سيسهم بشكل كبير في تطويره وتوسيع دائرة الاستفادة منه، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي ويزيد من دخل الأسر الفقيرة.

كما يطالبون بتوفير المرافق الضرورية في أسواق الماشية، مثل مصادر المياه والمرافق الصحية، وتسهيل إجراءات التجارة من خلال تنظيم الأسواق وإيجاد حلول للفوضى السائدة.

ختاما: نحو مستقبل أفضل للثروة الحيوانية في ولاية آدرار

تظل الثروة الحيوانية في ولاية آدرار أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المحلي، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع.

إذا تم توفير الدعم المناسب وتحديث أساليب تسيير هذا المورد الحيوي، يمكن أن تشهد ولاية آدرار نقلة نوعية في مجال تجارة الماشية، مما يعزز من رفاهية السكان ويحفز النمو الاقتصادي في المنطقة بشكل عام.

للموريتاني محمد أعليوت ..أطار \ ولاية آدرار

زر الذهاب إلى الأعلى