تفرغ زينة.. مرآة الأزمة الأخلاقية/الولي سيدي هيبه

الموريتاني : المشهد “التفرغزيني” ليس مجرد صورة عابرة من واقع مختلّ، بل هو تجلٍّ صارخ لفجوة طبقية تتسع بلا هوادة، حيث تستأثر قلة قليلة، من النخب القبلية الحاضرة بالشهادات “المعطلة” و”العمامات” المفصلة على مقاسات “النفوذ” ، بثروات البلد وهي غارقة في ترف “مستفز”، متحصنة بمنظومة فسادٍ تحميها من المساءلة، بينما يعاني السواد الأعظم من السكان الذين يصارعون الفقر والمرض والتهميش، يطحنهم اليأس وتعركهم الحاجة.
إن من يشاهد هذا التناقض بوعيٍ الناقد المدرك لحقيقة الأمور، لا بد أن تصدمه فداحة الوضع، وأن يتساءل بحيرة:
-كيف لبلدٍ بعلن انتماءه إلى الإسلام، ويتباهى بماضيه العلمي الحافل، وموروثه الأدبي الرفيع أن ينزلق إلى هاوية الظلم الاجتماعي والتفاوت القبلي والطبقي والشرائحي الصارخ؟
وكيف لخطابات الفخر والاعتزاز، بعلماء تركوا بصماتهم في المشرق والمغرب والعمق الإفريقي، أن تتناغم مع واقع يتنكر لقيم العدل والمساواة التي دعوا إليها؟
إن هذا التناقض العميق، الذي يجعل من “المنكب المنكوب” مثالًا على ازدواجية الخطاب والممارسة، يفتح باب التساؤل كذلك المرير:

  • هل أصبح “النفاق” القاعدة التي تُقام عليها العلاقات الاجتماعية والسياسية؟ وهل هو السبب الحقيقي وراء هذا الانهيار القيمي الذي يكرّس الاستغلال واللامبالاة بمعاناة الناس؟
    إن مأساة ظاهرة “تفرغ زينية”، المتخمة في المظهر العمراني وتجارة الكماليات في ظل غياب البنى التحتية، ليست مجرد مشهد، بل مرآة تعكس جوهر الأزمة الأخلاقية التي تعصف بالمجتمع، وتجعل التغيير الجذري ضرورة لا تحتمل التأجيل.
زر الذهاب إلى الأعلى