العودة إلى القرآن أمن وأمان

يرى المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي أن العودة إلى المنهاج القرآني هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المجتمعات الإنسانية كافة، بعد أن فرّقتها الروايات، وتحول بعض أبنائها إلى وحوش مفترسة وقلوب قاسية؛ يقتلون النساء والأطفال والشيوخ، ويدمرون المدن، ويشتّتون الأسر، وينشرون الخوف والفزع بين الناس.

ويتساءل: ماذا أنتج الخطاب الديني التقليدي غير الفرقة والتناحر وارتكاب الجرائم بحق الإنسان، واستباحة أمواله وممتلكاته؟ فلننظر إلى ما أحدثه الفهم الخاطئ لرسالة الإسلام في الدول العربية، وما نجم عنه من قتل ودمار طال الشعب والمدن. ولننظر إلى عدد من البقاع، حيث فعلت القاعدة وداعش والإخوان أفعالاً أودت بحياة الآلاف، وأدت إلى تشريد أكثر من خمسة ملايين مواطن. وكذلك ما يحدث في بلاد أخرى من قِبل الإرهابيين من قتل للأبرياء، وترصّد للمواطنين، وتنفيذ لأحكام الإعدام وإزهاق للأرواح دون وجه حق.

ويواصل المفكر: إن الله سبحانه لم يكلّف أحدًا من رسله أو أنبيائه بأن يكون وكيلاً عنه على عقائد الناس أو رقيبًا على عباداتهم، بل منحهم حرية الاعتقاد، وتكفّل وحده بالحساب يوم القيامة، إذ يقول سبحانه: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (الكهف: 29). إنها الحرية الكاملة في اتخاذ القرار، وعلى أساس هذا القرار تكون المسؤولية والمحاسبة، لأن الله (ليس بظلام للعبيد).

رسالة مؤسسة السلام، حسب رؤية الأستاذ الشرفاء هي تعريف الناس بأهداف الإسلام الحقيقية، ودعوته الصريحة لنشر السلام والأمن بين البشر، وخصوصًا في المجتمعات العربية، وإرشادهم إلى طريق الحق بعدما ساقهم الخطاب الديني المشكوك في مصادره إلى مسالك الشر والإجرام، بعيدًا عن كتاب الله الذي يدعو إلى الرحمة والعدل وحرية المعتقد، إلى الإحسان والتسامح والسلام، ويحرّم قتل الأبرياء، والعدوان، والفساد في الأرض، ويأمر بصيانة حقوق الناس، والتعاون على البر والتقوى، وتحقيق التكافل الاجتماعي، ليحيا الجميع في أمن وسلام.

لم يأمر الله الناس بإكراه الآخرين على دخول الإسلام، بل أكّد مبدأ حرية الاعتقاد بقوله: (لا إكراه في الدين)، وجعل رسوله مبشّرًا ونذيرًا لا مسيطِرًا، وقال: (فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر).

ويواصل: قد أرشد الله الناس إلى خارطة طريق واضحة في حياتهم، فقال:
(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى) (طه: 123-126).

كما بيّن لهم منهجًا متوازنًا للحياة، بقوله:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين) (القصص: 77).

تلكم هي التعاليم الربانية، والعظات الإلهية التي تصب في مصلحة الإنسان، ليعيش آمناً على نفسه وأسرته، محافظًا على رزقه الذي يكسبه بعرق جبينه، بعيدًا عن الخوف من مجرم يتربص به، أو من مدّعي حماية الدين يقضي عليه دون جريرة، باسم الله زورًا وبهتانًا، فينشرون الرعب، ويسفكون الدماء باسم الدين.
حي معاوية حسن

زر الذهاب إلى الأعلى