ولاية آدرار : فيدرالية حزب الإنصاف بين “الجمود السياسي” وتمرد القواعد .. تقرير

تشهد فيدرالية حزب الإنصاف على مستوى الولاية حالة من الجمود غير المسبوق، وصفها مراقبون سياسيون بأنها “موت سريري” فعلي، في ظل غياب الفعالية التنظيمية، وفتور التفاعل مع القواعد الشعبية، ما فتح الباب واسعًا أمام موجة تمرد داخلية بدأت تتشكل ملامحها في عدد من البلديات.
ويعزو متابعون هذا الوضع المتأزم إلى سلسلة من الهزائم الانتخابية التي مُني بها الحزب في استحقاقات 2023، إضافة إلى الأداء الضعيف لمنتخبيه محليًا، وغياب رؤية إصلاحية واضحة تُعيد ترتيب الأولويات وتوحيد الصفوف.
بلدية الطواز.. مستشارون يتمردون على القيادة
في بلدية الطواز، تصاعدت حدة التوتر بعد إعلان مستشاري الحزب رفضهم للتسويات التي طرحتها قيادة الحزب بشأن الوضع البلدي، مؤكدين تمسكهم بحجب الثقة عن العمدة الحالي، رغم المساعي المتكررة لاحتواء الأزمة وتهدئة الأجواء.
ويُنظر إلى هذا الموقف كإشارة واضحة على التباين المتزايد بين القواعد والقيادة المحلية.
مقاطعة أوجفت.. أقسام مغلقة وصراعات داخلية مستمرة
في تطوّر يُعمّق أزمة حزب الإنصاف على مستوى الولاية، تسجّل مقاطعة أوجفت ببلدياتها الأربع غيابًا تامًا للحزب من الساحة السياسية، وسط استمرار الخلافات الداخلية بين أقطابه، وغياب الأطر والفاعلين المحليين، ما انعكس بشكل واضح على هيكل الحزب وفعاليته في المنطقة.
وتؤكد مصادر محلية أن أقسام الحزب في المقاطعة مغلقة منذ فترة طويلة، في وقت تعيش فيه قواعده حالة من التذمر بسبب غياب أي نشاط تنظيمي أو تواصلي، ما أفقد الحزب قدرته على الحضور أو التأثير، حتى في القضايا اليومية التي تهم المواطنين.
الصراعات الحزبية، التي تعود جذورها إلى عدة سنوات، لا تزال تلقي بظلالها على وحدة الحزب في أوجفت، حيث يعجز الفرقاء عن تجاوز الخلافات القديمة، مما جعل المقاطعة خارج معادلة الفعل السياسي للحزب، في وقت تُبدي فيه قوى سياسية أخرى جاهزية لملء هذا الفراغ.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع، دون تدخل عاجل من قيادة الحزب على المستوى الوطني، قد يؤدي إلى خسارة كاملة للتمثيل السياسي في هذه المقاطعة الحيوية، وهو ما سيُشكل ضربة جديدة لحزب الإنصاف في الولاية التي تعاني أصلاً من حالة جمود شاملة.
عين أهل الطايع.. تهديد بالانسحاب
وفي بلدية عين أهل الطايع، وجّه عدد من الوجهاء المحليين المنتمين للحزب رسائل صريحة إلى القيادة، مُهددين بالانسحاب الجماعي من الحزب في حال عدم التجاوب مع مطالبهم التنموية، والتي وصفوها بالمشروعة والملحة. هؤلاء يعبرون عن خيبة أملهم من ما يعتبرونه غياب إرادة سياسية حقيقية لتلبية احتياجات سكان البلدية، ويشككون في جدوى الاستمرار ضمن حزب لا يستجيب لتطلعاتهم.
في العاصمة الجهوية.. حضور باهت وشخصيات منعزلة
أما في عاصمة الولاية، فيقتصر الوجود الحزبي على بعض الأنشطة المحدودة داخل المقر الرسمي، إضافة إلى عدد من الشخصيات التي لا ترى في القسم الحالي ممثلًا شرعيًا لها، وتتحرك وفق أجندات خاصة، مما ساهم في تعميق الهوة بين قيادة الفيدرالية وقواعد الحزب.
هذه الحالة من الانعزال زادت من تراجع الزخم السياسي للحزب محليًا، وأفقدته القدرة على التعبئة والتأثير في المشهد.
دعوات لإعادة الهيكلة وضخ دماء جديدة
في خضم هذا المشهد المعقّد، بدأ بعض النشطاء داخل الحزب يرفعون أصواتهم مطالبين بإعادة هيكلة شاملة لهياكل الحزب على المستوى الجهوي، مؤكدين ضرورة ضخ دماء جديدة تملك القدرة على إعادة بناء جسور الثقة مع القواعد، وإنعاش الروح التنظيمية استعدادًا للاستحقاقات القادمة.
ويعتبر هؤلاء أن الوقت قد حان للتغيير الجذري، بعيدًا عن المجاملة والمصالح الضيقة، من أجل استعادة المبادرة وخلق ديناميكية سياسية حقيقية.
أجندات خفية وتعمد إضعاف القيادة
ويرى مراقبون أن بعض التيارات والمجموعات داخل الحزب تعمّدت إضعاف القيادة الجهوية، في محاولة لإبراز أدوارها السياسية وتعزيز حضورها داخل المشهد الولائي.
وهو ما اعتبره البعض لعبة خطرة قد تزيد من تعميق الأزمة بدل حلّها، وتعرض الحزب لمزيد من التشرذم وفقدان الثقة.
الحزب أمام مفترق طرق
يبدو أن فيدرالية حزب الإنصاف في الولاية تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم:
فإما أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي بسرعة، وتستجيب لمطالب قواعدها، أو تواجه خطر الانهيار التدريجي في مشهد سياسي محلي شديد التنافس، لا يرحم الغائبين.
محمد أعليوت .. ولاية آدرار