تنقية الخطاب الديني في فكر علي محمد الشرفاء الحمادي

شهد العالم الإسلامي في العقود الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الدعوات إلى تجديد الفكر الديني وتنقية الخطاب الإسلامي من الشوائب التي علقت به عبر التاريخ، سواء بسبب الاجتهادات البشرية أو التوظيف السياسي للنصوص الدينية.

ومن بين أبرز المفكرين الذين تصدوا لهذه المهمة الجسيمة المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، الذي قدّم مشروعًا فكريًا متكاملًا يستند إلى مرجعية قرآنية خالصة.

سوف نحاول هنا أن نجيب على الأسئلة التالية:
ما هي ملامح مشروع تنقية الخطاب الديني في فكر علي محمد الشرفاء الحمادي؟
وما مدى انسجام هذا المشروع مع مقاصد الشريعة الإسلامية ومع متطلبات العصر الحديث؟

وسوف نعتمد للإجابة على هذه الأسئلة على المنهج التحليلي النقدي، من خلال دراسة أبرز مؤلفات المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، وتحليل أفكاره المتعلقة بالخطاب الديني، ومقارنة ذلك مع واقع الخطاب الديني التقليدي.

أولًا: المرجعية القرآنية كمصدر للتشريع
ينطلق الشرفاء الحمادي من قناعة راسخة بأن القرآن الكريم هو مصدر التشريع في الإسلام، وأن ما عداه يجب أن تخضع لميزان القرآن، ولا يُعتد بها إذا خالفت نصوصه أو مقاصده. ويرى أن الإسلام دين واضح ومكتمل في القرآن، ولا حاجة للمسلم أن يلجأ إلى مرويات قد تفتقر إلى التوثيق أو تحمل في طياتها دلالات تعارض روح الإسلام.

ثانيًا: نقد المرويات والتراث يرى الشرفاء الحمادي أن كثيرًا من المرويات قد تم وضعها في سياقات سياسية أو مذهبية، وأنها شوهت صورة الإسلام الحقيقي. وهو يدعو إلى مراجعة شاملة للتراث الديني، وتنقيته مما يتناقض مع القرآن، سواء في المضمون أو الأهداف.

ثالثًا: تفكيك الخطاب الديني التقليدي:
ينتقد الشرفاء الحمادي الخطاب الديني الذي يعتمد على التخويف والتكفير، ويرى أنه خطاب يكرّس الجهل والانغلاق، ويقف حاجزًا أمام التقدم والتعايش. ويدعو إلى خطاب بديل يقوم على الرحمة والعدل والحرية، مستمد من نصوص القرآن، لا من اجتهادات فقهاء العصور الوسطى.

رابعًا: الإسلام كرسالة رحمة وسلام في تصور المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، الإسلام رسالة عالمية للسلام والتسامح، وليس مشروعًا للصراع والهيمنة.
ويشدد على أن جوهر الإسلام يكمن في القيم الأخلاقية والإنسانية التي تخاطب الإنسان بما هو إنسان، بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه.

خامسًا: نقد المؤسسة الدينية التقليدية:
يرى المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي أن كثيرًا من المؤسسات الدينية تحولت إلى أدوات للسلطة أو الكهنوت، وابتعدت عن دورها التنويري. ويدعو إلى تحرير الخطاب الديني من احتكار هذه المؤسسات، وإلى إفساح المجال أمام اجتهادات عقلانية تستند إلى القرآن وحده.

سادسًا: إصلاح التعليم والخطاب الإعلامي الديني:
يركز المفكر على أهمية إصلاح مناهج التعليم الديني، لتقوم على أساس قرآني يعزز التفكير النقدي، لا الحفظ والتلقين. كما يدعو إلى ثورة إعلامية دينية تُسهم في نشر الوعي القرآني، وتُواجه الخطابات المتشددة.

سابعًا:
أدوات مشروعه ومؤلفاته الأساسية: من أبرز مؤلفات علي محمد الشرفاء الحمادي:

“المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”

“ومضات على الطريق”

“رسالة إلاسلام”
“وثيقة الدخول في الإسلام”
“الزكاة”
“الطلاق يهدد أمن المجتمع”

وتتسم هذه المؤلفات بالوضوح، والجرأة، والتركيز على تحرير العقل المسلم من قيود التراث المخالف للقرآن.

وفي الخلاصة فإن فكر علي محمد الشرفاء الحمادي يمثل محاولة جادة لإعادة بناء الخطاب الديني الإسلامي على أساس قرآني صافٍ، يُقدّم الإسلام كدين للرحمة والعقل والعدالة. ورغم ما يواجهه هذا المشروع من مقاومة تقليدية، إلا أنه يفتح أفقًا واسعًا أمام مراجعة الفكر الديني وتحديثه بما يتناسب مع مقاصد الشريعة وروح العصر.
حي معاوية حسن

زر الذهاب إلى الأعلى