رسالة مفتوحة الي السيد دونالد جي . ترامب ، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

السيد الرئيس،

يؤسفني أن أوجه إليكم هذه الرسالة العاجلة والحاسمة، لا كعدو، بل بوصفي مسلمًا يراقب عالمًا غارقًا في أزمة عميقة، وشاهدًا على أفعال وخطابات تُشكّل مجرى التاريخ، إمّا نحو الأفضل أو إلى الأسوأ.

إن دعمكم الصريح للكيان الصهيوني، وتغاضيكم عن جريمة الإبادة الجماعية البشعة التي يرتكبها في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، فضلًا عن عدوانه الغادر على دولة ذات سيادة، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يثير موجة من الغضب العارم والمشاعر الجياشة، ليس فقط في الدول العربية والإسلامية، بل أيضًا لدى الشعوب الحرة والكرامة في شتى أنحاء العالم.

اسمحوا لي، بكل جدية ووضوح، أن أحذركم:
أي تدخل عسكري أمريكي، مباشرًا كان أو غير مباشر، إلى جانب إسرائيل ضد إيران، سيؤدي حتمًا إلى قطيعة عميقة ودائمة بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي، الذي أنهكته عقود من الحروب والإحباطات والاغتصاب والظلم.

وهنا بعض الأسباب التي تجعل هذا الطريق مأساويًا ومشحونًا باللعنات:

  • انتهاك للسيادة وللقانون الدولي:
    دعم أو تشجيع أي عدوان على دولة ذات سيادة من دون تفويض أممي يُعد خرقًا فاضحًا لميثاق الأمم المتحدة، ويُعرّض الولايات المتحدة لفقدان شرعيتها الأخلاقية والقانونية، داخليًا ودوليًا.
  • تصعيد في راديكالية الشعوب:
    إن الدعم غير المشروط لإسرائيل في مواجهة شعوب تشعر بالظلم والإهانة يُغذي الحقد ويُنعش التطرّف، ويُدمّر جسور الحوار. وسيرى العالم الإسلامي المتنوع في ذلك موقفًا استعلائيًا وهيمنياً لا يمكن تبريره، ولا يُمكن إصلاح تبعاته.
  • فقدان المصداقية العالمية:
    تزعم الولايات المتحدة أنها تقود العالم باسم الحرية والعدالة وسيادة القانون. غير أن الوقوف إلى جانب كيان يُصادر أرض الشعب الفلسطيني، ويذبح المدنيين بدم بارد، في تحدٍ صارخ لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، يُدمّر هذه الصورة، ويزيد من عزلتكم أمام شعوب الجنوب العالمي، والمدافعين عن حقوق الإنسان، بل وحتى بعض حلفائكم في الغرب.
  • عواقب جيوسياسية لا يمكن السيطرة عليها:
    الصراع المسلح مع إيران من شأنه أن يُزعزع الاستقرار الهش في الشرق الأوسط، ويُربك الأسواق العالمية، ويُشعل فتيل حرب إقليمية قد تكون كارثية في تداعياتها على الأمن العالمي.

السيد ترامب،
عظمة الأمم لا تُقاس بقوتها العسكرية، بل بقدرتها على فرض السلام عبر الحوار، والعدل، واحترام الشرعية وحقوق الشعوب.
وسيسجل التاريخ مَن اختار الحرب على السلام، والاستعلاء على التوازن، والكراهية على التعاون.

نأمل أن تصغوا إلى هذا النداء الموجَّه إلى العقل، والتروّي، والمسؤولية، أمام التاريخ، والأجيال القادمة، والأهم من ذلك أمام الذين انتخبوكم على أساس شعاركم الشهير:
أمريكا أولاً!

وتفضلوا، السيد الرئيس، بقبول فائق الاحترام والود.

نواكشوط،20 يونيو 2025

السيد ولد الغيلاني
• المدعي العام السابق
• الرئيس السابق للمحكمة العليا
• الرئيس الأسبق للهيئة القضائية لاتحاد المغرب العربي

زر الذهاب إلى الأعلى