دعوة المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي الي هجرة روحية نحو القرآن..

في مقال توجيهي عميق المعنى، رسم المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي ملامح هجرة جديدة، ليست هجرة مكانية كما كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، بل هجرة روحية ومعرفية وسلوكية من ظلمات الشرك والتعصب والتفرقة، إلى نور التوحيد والرحمة والسلام، عبر العودة إلى القرآن الكريم كمنهج حياة ومصدر للهداية والنجاة.
يستحضر الكاتب مشهد الهجرة النبوية الأولى من “مركز الشرك والكفر” في مكة إلى المدينة، حيث تأسست الدولة الإسلامية الأولى على أسس الإيمان والتوحيد والعدل، لينطلق منها “نور إلهي” يهدي البشرية. ثم ينتقل من هذا الحدث التاريخي إلى دعوة معاصرة لهجرة مماثلة؛ ولكن هذه المرة نحو تحرير العقول والقلوب من سطوة الشيطان وأوليائه، من الفتن، من الجهل، ومن الانقسام الذي شوه دين الإسلام، وأغرق المسلمين في صراعات مذهبية ومظاهر شكلية لا تمت لجوهر الرسالة بصلة.
في مقاله، يحذر الشرفاء من هجر القرآن، مستشهدًا بقوله تعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم: “وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا”، مستنتجًا أن من هجر القرآن، فقد خان عهد الرسالة، وفقد صلته بالله، وهو بذلك ليس من أمة محمد كما تنص الآية الكريمة: “إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء”.
يعرض المفكر في هذا المقال المرجعي أثر هذا الهجران في الواقع: فساد، وفتن، وسفك دماء، وظلم للإنسان الذي كرمه الله. كما يضع القارئ أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السير في نور القرآن الذي يقود إلى الجنة، أو السير في ظلمات الشيطان التي تؤدي إلى الضلال والعذاب، في الدنيا والآخرة.
في الجزء الأخير من المقال يستعرض الشرفاء جوانب من عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبره ورحمته، وكيف ترجم القرآن سلوكًا حيًا، داعيًا الناس بالتي هي أحسن، ومتأسفًا على حال من أعرضوا عن تلك الرحمة الإلهية التي حملها. ويختم بدعاء خاشع، يطلب فيه من الله أن يوقظ القلوب القاسية، والعقول المغيبة، ويحرر الناس من تبعيتهم لأولياء الشيطان، ليعودوا إلى القرآن محررين مهتدين.
إنه نداء إصلاح عميق، يتجاوز الطوائف والانتماءات، ويرتفع عن ضجيج الخلافات، ليستصرخ الضمير الإسلامي العالمي: عودوا إلى كتاب الله، فهو الرحمة، وهو المخرج، وهو الضمان الوحيد للنجاة من الظلم والشقاء في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
حي معاوية حسن