المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: الخاسرون

كل من اعتقد بأنه مسلم عليه أن يراجع نفسه قبل أن يوافيه الأجل المحتوم، وحين تقوم الساعة سيتم سؤاله يوم الحساب من خزنة النار، كما بلغ الرسول عليه السلام الناس بتحذير استباقي في قول الله سبحانه: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[ الزمر: 71]

فماذا سيكون موقف الذين شهدوا في حياتهم بـ( لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) شهدوا بأن الله واحد أحد خالق السماوات والأرض، وشهدوا بمحمد رسول الله الذي أرسله الله للناس جميعاً يتلو عليهم آياته في القرآن الكريم، كما بلغهم رسول الله بآيات ربه

في قول الله سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾[ الجمعة: 2] ثم لم يطيعوا الله، ولم يتقبلوا ما بلغهم رسوله الله من التشريعات والمنهاج الإلهي في الآيات القرآنية، بل أصموا أذانهم وأصروا على اتباع أولياء الشيطان، برغم أن الله سبحانه فتح لهم طريق الحق، وحذرهم من طريق الباطل الذي سيؤدي بهم إلى الضنك والشقاء، فخاطبهم بقوله سبحانه على لسان رسوله : ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ﴾﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا﴾﴿ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ﴾[ طه: 123-126]

لقد أعرضوا عن ذكر الله، وتحقق ما حذرهم الله من حياة الشقاء والضنك، فإذا بهم بمجرد وفاة الرسول عليه السلام، انطلقت النفوس الأمارة بالسوء في صراع على السلطة، في اجتماع سقيفة بني ساعدة، كل منهم يتسابق مع أخيه للاستيلاء على حكم المدينة والسلطة والمكانة، وظهرت الأطماع الدنيوية في أبشع صورة وتحولت الرحمة بينهم إلى قسوة، والمودة إلى عداوة ..

نسوا ما تعلموه من رسول الله، حينما كان يتلو عليهم الآيات القرآنية، ويشرح لهم مقاصدها لما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويحذرهم من النزاع والفرقة حتى لا يتيهوا عن طريق الحق والنور..

فهذا القرآن أنزله الله على الرسول ليبشر المؤمنين بالخيرات والأمان والنعمة في الحياة الدنيا، وينذر المشركين والكافرين الذين هجروا القرآن بالشقاء والضنك والخوف والقسوة وسفك الدماء، واستباحة حقوق الناس، وبلغهم بما حرم الله عليهم من الظلم والعدوان وقتل الأبرياء، واستباحة أملاك الناس واستحلال أراضيهم وثرواتهم، وحينها سيكونون من المغضوب عليهم وحسابهم يدخلون في جهنم خالدين

فمن اتبع شرعة الله ومنهاجه فهو في عليين، ومن الآمنين في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عن هدى الله، وارتكب الذنوب والمعاصي فقد اختار طريق الباطل وحينها إذا جاء الأجل لن ينفع الندم، وسيكون موقفهم كما وصفهم الله سبحانه يوم الحساب في قوله ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[ الزمر: 71]

فاعترفوا بذنوبهم وبما استحقوه من العذاب، ولذلك يحذر الله الأحياء، فهو لا يريد للناس أن يواجهوا ذلك الموقف الرهيب، بل يريد لهم أن يعيشوا حياة كريمةً طيبة في أمن وسلام ورزق من الله يغنيهم، وسرور نفوسهم قانعين بما أنعم الله عليهم وجعلهم من عباده الصالحين، فماذا تختار أيها الإنسان طريق الحق المستقيم، أم طريق الباطل الذي يقودك نحو الجحيم فمتى تستيقظ؟

نقول للتائهين الذين اتبعوا ما تتلوا عليهم روايات الشياطين وأولياءهم العاصين، الذين جعلوا القرآن عضين آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه وقسموا المسلمين إلى شيع وأحزاب وطوائف ومذاهب، كل فرقة منهم تزعم أنهم الناجون، فغضب الله عليهم جميعاً، وجعلهم يتنافسون ويتقاتلون، وتأخذهم العزة بالإثم ووصفهم الله سبحانه بقوله﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾[ سورة البقرة: 16]

زر الذهاب إلى الأعلى