علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب المتبرئون من القرآن

على محمد الشرفاء الحمادي يكتب
المتبرئون من القرآن
قال اللّٰه تعالى في كتابه الكريم يأمر نبيَّه محمداً صلى اللّٰه عليهوسلم أن يبلّغ الناس جميعاً: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعَا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّاهُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ_ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمّيِّ الَّذِييُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف: ١٥٨)
لقد أمر اللّٰه رسوله أن يبلّغ الناس بأنه مؤمن بالله وكلماته أى آياتهالقرآنية وأمرهم أن يتّبعوه وقد شهد المسلمون بذلك عند نطقهمبالشهادتين “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.” وبذلك يكون المسلم قد عاهد اللّٰه ورسوله باتباع ما جاء به النبيصلى اللّٰه عليه وسلم من ربه والإيمان بما آمن به الرسول من آياتربه
فإن نقض المسلم هذا العهد وهجر القرآن الذي هو المرجع الوحيدلدين الإسلام فقد خالف أمر اللّٰه وانسحب من دينه وعليه أن يراجعنفسه ويتدبر آيات اللّٰه ليصحّح مساره قبل فوات الأوان فحينها لنينفعه ندم ولا شفاعة إذا واجه خزنة النار يسألونه كما ورد في قولهتعالى(أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبَّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَاء قَالُوا بَلَىٰ وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (الزمر: 71).
فمن من المسلمين يرضى أن يكون في هذا الموقف أمام رب العالمين؟ من يرضى أن يكون من أهل النار؟ من يقبل أن يكون مطرودا منرحمة؟؟
إن اللّٰه سبحانه وتعالى يخاطب العقول ويحذر عباده تحذيراً استباقياً قبل وقوعهم في المحظور ويهديهم إلى طريق الخيروالسعادة في الدنيا وإلى جنات النعيم في الآخرة
فهل يعقل أن الخالق الحكيم يدلنا على طريق الرحمة والسلاموالعدل ثم نتجاهل دعوته التي تحقق للمسلم الأمن النفسي والسلامالاجتماعي وتطمئن نفسه بالسكينة ويحيا حياة طيبة في الدنياوجنات النعيم يوم الحساب كما قال اللّٰه سبحانه يتحدث عنالإنسان؟! (إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّاأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الْأُبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَاعِبَادُ اللَهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمَا كَانَ شَرُهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيّنًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَبِّنَا يَوْمَا عَبُوسًاقَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا) (الإنسان: 11-3).
ويقول تعالى مخاطبًا الإنسان (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * في أَيِّ صُورَةٍ مَاشَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ * * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمِ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَايَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لَنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ) (الانفطار: 19-6)
فلْيَعلَم الذين انتسبوا إلى الإسلام أن اللّٰه تعالى كلف نبيه أنيُبلّغ الناس آيات القرآن ليُخرجهم من ظلمات الجهل الى العلموالنور ويحذرهم من إغواء الشيطان الذي وعد اللّٰه يوم خلق اللّٰه آدمبأن يغوي الانسان ويستدرجه للكفر والجحود والله يدعوهم بكتابهليُرشدهم إلى حياة مستقرة يسودها الإيمان والتعاون على البروالتقوى والرحمة(ان اللّٰه لا يهدي القوم الكافرين) المائدة (67)
كما حدد اللّٰه سبحانه مهمة الرسول عليه السلام في خطابالتكليف بقوله سبحانه (نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبارفذكر بالقرآن من يخاف وعيد) ق (45)
وما دام المسلم قد شهد أن محمداً رسول اللّٰه وصدق بدعوته وعاهداللّٰه على اتباعه كما أمر اللّٰه فليس من المنطق أن يخالف المسلم مابلغه الرسول عن ربه من الآيات القرآنية في كتاب اللّٰه ويعرضالمسلم عنه ويتّبع ما يؤلفه البشر مما أطلق عليه الأحاديث النبويةويعلمون علم اليقين بأن اللّٰه سبحانه قد حكم عليها بالبطلان فيمخاطبته للرسول قوله سبحانه
(تلك آيات اللّٰه نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد اللّٰه وآياتهيؤمنون)
الجاثية (6)
وقال اللّٰه مخاطبا رسوله عليه السلام ( قل أي شهادة أكبر شهادةقل اللّٰه شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأذكركم به ومنبلغ أئنكم لتشهدون أن مع اللّٰه آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هوإله واحد وإنني بريء مما تشركون ) الأنعام (19)
ثم خاطب اللّٰه الناس بقوله محذرًا (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى
* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى *
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَ لِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه: 126-123).
فمن أراد هدى الله فسوف يعيش في سعادة ولن يشقى ومن أعرضفليتحمل عاقبة اختياره فالله سبحانه أعطى الإنسان حرية القرارلكنه حمّله مسؤولية الاختيار حيث قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًافَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَاء وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت: 46).
في هذه اللحظات التي يمر بها العالم العربي بعد ما ابتعدوا عنالتشريع الإلهي والمنهاج الرباني الذي يدعوهم للتعاون على البروالتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان ويحذرهم من التنازع فيقوله سبحانه ( وأطيعوا اللّٰه ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبريحكم واصبروا ان اللّٰه مع الصابرين ) الأنفال (46) لم يطيعوااللّٰه ورسوله فيما بلغهم من آيات اللّٰه تنازعوا وتقاتلوا وتفرقوا إلىشيع وطوائف وأحزاب وزادهم تفرقة حينما أعرضوا عن القرآنواتبعوا الأقاويل الإسرائيليات وصدقوها و قدسوها عقيدة وعبادةومرجعية فانظر إلى حال العرب من تفرق وتشتت وحروب ومئاتالأبرياء تزهق أرواحهم دون ذنب سقطت دول ليبيا واليمن والسودانوالعراق والصومال ) كل ذلك بسبب الفرقة والتنازع مقدمين المصالحالمادية الضيقة على مصالح الشعوب المهزومة نتيجة الالتباس فيفهم دين الإسلام والوقوع في عدم التفرق بين الآيات القرآنيةوالروايات الشيطانية والإعراض عن شرعة اللّٰه ومنهاجه وما يحدثفي العالم العربي من فتن وحروب كانت الروايات الإسرائيلية أحدأسبابها إلتي أشعلت الخلافات وسوء الفهم أدت الفرقة والاقتتالوقدمت أوطانها لقمة سائغة لأعداء العرب يبتزوهم وينهبون ثرواتهمويسفكون دماءهم ويحتلون أوطانهم ومن أجل ذلك بدأ الصهاينةبحرب نفسية جديدة فما كفاهم أن جعلوا العرب منذ الخلافةالعباسية أن يهجروا القرآن والآيات لحساب الروايات ففي هذاالزمن خرجوا علينا بوهم جديد وفكرة خبيثة ملعونة لاثارة الشكوكفي الكتاب المجيد وأصبح المسلم المتمسك بكتاب اللّٰه وآياته متهمبأنه قرآني فانتشرت الشكوك ولعبت بالنفوس المريضة في غيبةالعقل والمنطق لصب الزيت على النار لتزداد الفرقة ويحدث الخلافواليهود ينسلون تحت جنح الظلام لقطف ثمار خططهم العدوانية
اذا فلماذا أرسل اللّٰه رسوله محمد ابن عبدلله ليبلغ الناس آياتهوتشريعاته ومنهاجه الأخلاقي في الآيات القرآنية وما تدعو إليه منرحمة وعدل وإحسان وتحريم الاعتداء على حقوق الإنسان ونشرالسلام في كل المجتمعات ليعيش الناس في أمن وسلام دون نزاعودون خصام؟ أسأل اللّٰه أن ينير بصيرتكم ويجعلكم من عبادهالصالحين المتدبرين في القرآن الكريم وآياته لما فيه ما ينفع الإنسانحين يقف أمام الديان عند الحساب وحيدا لا شفيع أو وسيطوتُخرج له الملائكة كتابا فيه سجل أعماله كما قال اللّٰه سبحانه ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاهمنشورا ) الإسراء (13) فيه سجل حافل عن جميع أعماله في الدنياولم يترك الكتاب شاردة ولا واردة من أعمال الخير وأعمال الشر إلاذكرها في سجل الانسان