عمدة عين أهل الطايع يكتب عن مشاركته في مؤتمر للتجمعات المحلية بالصين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الأسفار مدارك للعبر، ومنابع للحكم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي المُعلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،فإن الحديث عن رحلة الأمة الصينية في مدارج التقدم والنهضة حديث ذو شجون، يثير في النفس إعجاباً لا حد له، ويبعث على التأمل في سنن القوة والعزة. لقد كانت رحلتنا التي استمرت خمسة وعشرين يوماً، قضينا منها اثنتين وعشرين ساعة في عباب السماء، ذهابا وكذلك إيابا رحلة شاقةً في مشقتها، مثمرةً في عطائها، كاشفةً عن جانب من أسرار هذه المعجزة الحضارية التي تسمى جمهورية الصين الشعبية.
لقد كانت هذه الرحلة التكوينية نافذة أطللنا منها على أمة تختزل الزمن، وتصنع المستقبل بيدين ماهرتين وعقل متقد وإرادة لا تعرف الكلل. فما رأيناه في مقاطعة هاينان الساحرة بجمالها الآخاذ، وفي شانغهاي الصاعدة بمعمارها الشاهق وتقنياتها المتطورة، وفي مدينة سانيا الفاتنة بسياحتها العالمية، ليس إلا تجلياً من تجليات النهضة الشاملة التي تجتاح أرجاء هذه البلاد العظيمة.
لقد دهشنا لعمق تجربة الصين في مكافحة الفقر، تلك المعركة الإنسانية النبيلة التي خاضتها الأمة بجدارة، فانتشلت مئات الملايين من وهدة الحاجة إلى مصاف الكفاية والاستقرار، لتصبح هذه التجربة نبراساً تهتدي به الأمم الساعية إلى اقتلاع آفة الفقر من جذورها. لقد حولت الصين هذه المعضلة المستعصية إلى قصة نجاح تروى بالأرقام والنتائج الباهرة.
وفي مجال الزراعة، رأينا كيف تزاوجت الحكمة الصينية القديمة مع التقنيات الحديثة، فأنتجت نظاماً زراعياً متطوراً يحقق الأمن الغذائي ليس للصين وحدها، بل يساهم في إشباع حاجات العالم. لقد استطاعت الصين أن تحول الأرض إلى لوحة خضراء تزهر بالخير والبركة.
أما في السياحة، فقد برهنت الصين على أنها مقصد عالمي بامتياز، يجمع بين أصالة التاريخ وروعة الطبيعة وعبقرية التخطيط الحديث. لقد رأينا في هاينان وشانغهاي وسانيا نماذج حية للسياحة المتطورة التي تحافظ على الهوية وتستشرف المستقبل.
ولكن، وراء كل هذه المظاهر المادية، تكمن القوة الحقيقية للصين، وهي الإنسان الصيني. لقد غمرنا أبناء الصين بحسن معاملتهم، وأخلاقهم الرفيعة التي تلمس فيها الصدق في التعامل، والكرم في الضيافة، والاحترام العميق للضيف. هذه الأخلاق ليست وليدة لحظة عابرة، بل هي نتيجة تربوية متجذرة، وسجل حضاري مشرف، وأصالة توارثتها الأجيال.
ختاماً، فإن هذه الرحلة لم تكن جولة في أرجاء بلد، بل كانت رحلة في أعماق أمة تقدم للعالم نموذجاً فريداً في البناء والتنمية، وتثبت أن الإرادة الصلبة والعمل الدؤوب هما أساس التقدم والرخاء. إن الأمة الصينية، بقيمها الأصيلة وتقدمها الحديث، تستحق منا كل الإشادة والتقدير، وهي نموذج يُحتذى في الإصرار على تحقيق المستحيل.
محمد اعل شينون
عمدة عين اهل الطايع

زر الذهاب إلى الأعلى