ولد حدمين: موريتانيا بحاجة إلى وحدة وطنية لا إلى انقسامات ضيقة 

أصدر الوزير الأول السابق يحيى ولد حدمين بيانًا انتقد فيه بشدة بعض التصريحات الأخيرة التي اعتبرها مناقضة لروح الديمقراطية ومهددة للسلم الاجتماعي، مؤكّدًا أن “السعي للوصول إلى السلطة عبر المتاجرة باللون أو الجهة أو الانتماءات الضيقة مسعى عقيم يضر بصاحبه قبل غيره”.

نص البيان

تابعنا ببالغ الأسف التصريحات الأخيرة، التي جاءت مناقضة لروح الديمقراطية، وحاملة في طياتها ما يهدد السلم الاجتماعي، ويغذي مشاعر التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

إن السعي إلى الوصول إلى السلطة عبر المتاجرة باللون أو الجهة أو أية انتماءات ضيقة، هو مسعى عقيم يضر بصاحبه قبل غيره ويقصيه من دائرة الحسابات الوطنية. 

فاستغلال بعض المعاناة وتحويلها إلى سلعة سياسية مؤقتة لا يجني منه الوطن إلا الانقسام، ولا يعود على أصحابه إلا بخسارة الثقة والمصداقية.

إن قمة الوهم تكمن في ادعاء البعض القدرة على التحكم في قواعد وشروط اللعبة السياسية بمعزل عن إرادة الشعب، الذي يبقى وحده صاحب القرار والكلمة الفصل في رسم مستقبل وطنه.

إن موريتانيا لم تكن يومًا، ولن تكون، بحاجة إلى خطاب عنصري أو تفكير فئوي ضيق، بل إلى رجال ونساء يحملون هموم جميع المواطنين دون استثناء، ويضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمزايدات الفارغة.

أما الطعن في كفاءة الضباط السابقين أو التهوين من دورهم في قيادة الدولة، فهو طرح يفتقر إلى الأساس المنطقي. 

فقد أثبتت تجارب عالمية أن قيادة العسكريين يمكن أن تكون رافعة للتنمية والديمقراطية معًا، فالولايات المتحدة الأمريكية عرفت رؤساء من خيرة جنرالاتها، مثل دوايت أيزنهاور الذي قاد جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ثم تولى رئاسة بلاده، فشهدت في عهده انطلاقة اقتصادية كبرى وتطورًا لافتًا في البنية التحتية.

وبالمثل، فإن التجارب الآسيوية أظهرت أن نجاح الدول لا يقترن بالانتماء المهني للقيادة بقدر ما يقترن بقدرتها على وضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار. 

فقد نجحت سنغافورة في ظل قيادة اقتصادية واعية بزعامة لي كوان يو، الذي لم يكن عسكريًا، لكنه أسس لنهضة اقتصادية أصبحت نموذجًا عالميًا. 

وكذلك الحال في كوريا الجنوبية، التي انتقلت من بلد فقير بعد الحرب الكورية إلى قوة صناعية عالمية بفضل قياداتها الاقتصادية والتقنية التي وضعت خططًا تنموية طموحة.

إن بلدنا العزيز اليوم في أمسّ الحاجة إلى جميع أبنائه ونخبه على اختلاف مواقعهم وتخصصاتهم، لتتضافر جهودهم في سبيل بناء دولة قوية، يسع صدرها الجميع. 

ومن هذا المنطلق، فإننا نهيب بقادة الفكر والسياسة أن يرتقوا بخطابهم، وأن يتمسكوا بالوطن الواحد الموحّد، لأنه وحده القادر على أن يحتضننا جميعًا.

الوزير الأول السابق
يحيى ولد حدمين

زر الذهاب إلى الأعلى