على الشرفاء يكتب: بعد رفض “واشنطن” قرار حل الدولتين.. أي حقوق إنسان يتحدث عنها الأمريكان؟

يمثل رفض الولايات المتحدة الاعتراف بقرار حل الدولتين، مؤشرًا واضحًا على انتهاكها لحقوق الإنسان، لأنه يضرب في أساس مبدأ تقرير المصير الذي يُعَدّ من الحقوق الأساسية المعترف بها في القانون الدولي.
الشعب الفلسطيني، مثل كل شعوب العالم، له حق أصيل في إقامة دولته المستقلة، وهو حق أكدته الأمم المتحدة في عدة قرارات. تجاوز هذا الحق أو إنكاره من جانب الولايات المتحدة الأمريكية يعكس ازدواجية في معاييرها عن حقوق الإنسان، حيث تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان لكنها ترفض الاعتراف بحق شعب يعيش تحت الاحتلال منذ عقود.
إذا كانت واشنطن ترفض حل الدولتين، فهي تتنصّل من التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهذا يجعل موقفها غير متوافق مع القيم التي تدّعي الدفاع عنها. فهل يمكن لدولة ترفض حق شعب في الحرية والاستقلال أن تكون مرجعًا عالميًا لحقوق الإنسان؟
الحكومة الأمريكية الجديدة قررت نشر الديمقراطية في العالم، لكنها لم تحدد معالم الديمقراطية وأهدافها وقيمها ومبادئها. فأين حقوق الإنسان منها؟ وأين حقوق الشعوب في اختيار أنظمتها؟ أين العدالة من الديمقراطية الأمريكية؟! تاريخ العصابات فيها بدأ بذبح سكانها الأصليين من الهنود الحمر وإبادتهم تقريبًا، وماذا فعلوا بالزنوج الذين خطفوهم من بين أسرهم في إفريقيا؟
مفهوم العدالة عند الأمريكان:
ما هو موقف الديمقراطية وحقوق الإنسان من إلقاء القنبلة الذرية على الشعب الياباني في كل من هيروشيما وناجازاكي؟ وما هو مفهوم العدالة في الديمقراطية الأمريكية التي شنت حربًا ظالمة على الشعب الفيتنامي وقتلت عشرات الآلاف من أبنائه؟
ولمّا سُئل ليندون جونسون الرئيس الأمريكي آنذاك: هل بينكم وبين الفيتنام صراع مصالح أو يشكلون خطورة على أمن الحكومة الأمريكية؟ كانت الإجابة أقبح من الفعل، إذ قال إن السبب هو الخوف من إغلاق مصانع السلاح في أمريكا وازدياد البطالة. تلك هي ديمقراطية أمريكا التي تشن حربًا عبثية مجنونة أكلت الأخضر واليابس لمصلحة تصنيع السلاح الأمريكي، خوفًا من توقفه، دون احترام لحقوق الإنسان.
إذًا.. أين حقوق الإنسان عندما تتولى (سي آي إيه) إسقاط أنظمة الحكم في الكثير من دول العالم وتعريضها لحروب أهلية وفوضى كما حدث في ليبيا وتونس، ومحاولتهم الخائبة في مصر التي فشلت؟
انتهاكات مُفسرة:
فبأي حق قامت بغزو العراق واستباحت أرضه وأعدمت قائده؟ لترسل رسالة للقادة العرب: من لم يسر في ركابنا سيكون هذا مصيره. أين حقوق الإنسان مما قام به الجيش الأمريكي في العراق من قتل الآلاف، وعمليات التعذيب التي نفذها انتقامًا من الشعب العراقي، وسرقة آثاره وتدمير مدنه، والجرائم التي ارتكبوها في الآمنين نهبًا وقتلًا وتشريدًا؟ كيف تعاملت الديمقراطية الأمريكية مع الأسرى في (جوانتانامو)؟ لقد حوّلوهم إلى حيوانات وأفقدوهم الشعور بالإنسانية. وكيف استخدموا أبشع وسائل التعذيب ضد أبناء العراق في سجن أبو غريب من إهانة للإنسانية؟! لقد استباحوا حق الحياة للمواطن العراقي.
إن الغطاء الذي تحاول الولايات المتحدة أن تخفي تحته جرائمها ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، وما ارتكبته من قسوة وجرائم ضد الشعوب العربية، ومواقفها المستمرة في حماية مَن يقوم بالاستيلاء على الأراضي العربية والتأكيد الدائم على أنها تحمي كل تصرفات المغتصبين، ألا يعطي هذا الموقف دلالة على أن الأمريكان لا يقلّون عن ممارسة نفس الجرائم التي تقوم بها داعش؟ إنهم يسخّرون كل فرق الإجرام للتدمير ونشر الفتن والفوضى في الوطن العربي، ليسهل عليهم نهب ثرواته واستباحة حقوق شعوبه واحتلال أراضيه.
الاستبداد بالديمقراطية:


على الشرفاء يكتب: بعد رفض “واشنطن” قرار حل الدولتين.. أي حقوق إنسان يتحدث عنها الأمريكان؟
المفكر على محمد الشرفاء أرسل بريدا إلكترونيا13 سبتمبر، 2025
3 دقائق

يمثل رفض الولايات المتحدة الاعتراف بقرار حل الدولتين، مؤشرًا واضحًا على انتهاكها لحقوق الإنسان، لأنه يضرب في أساس مبدأ تقرير المصير الذي يُعَدّ من الحقوق الأساسية المعترف بها في القانون الدولي.
الشعب الفلسطيني، مثل كل شعوب العالم، له حق أصيل في إقامة دولته المستقلة، وهو حق أكدته الأمم المتحدة في عدة قرارات. تجاوز هذا الحق أو إنكاره من جانب الولايات المتحدة الأمريكية يعكس ازدواجية في معاييرها عن حقوق الإنسان، حيث تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان لكنها ترفض الاعتراف بحق شعب يعيش تحت الاحتلال منذ عقود.
إذا كانت واشنطن ترفض حل الدولتين، فهي تتنصّل من التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهذا يجعل موقفها غير متوافق مع القيم التي تدّعي الدفاع عنها. فهل يمكن لدولة ترفض حق شعب في الحرية والاستقلال أن تكون مرجعًا عالميًا لحقوق الإنسان؟
الحكومة الأمريكية الجديدة قررت نشر الديمقراطية في العالم، لكنها لم تحدد معالم الديمقراطية وأهدافها وقيمها ومبادئها. فأين حقوق الإنسان منها؟ وأين حقوق الشعوب في اختيار أنظمتها؟ أين العدالة من الديمقراطية الأمريكية؟! تاريخ العصابات فيها بدأ بذبح سكانها الأصليين من الهنود الحمر وإبادتهم تقريبًا، وماذا فعلوا بالزنوج الذين خطفوهم من بين أسرهم في إفريقيا؟
مفهوم العدالة عند الأمريكان:
ما هو موقف الديمقراطية وحقوق الإنسان من إلقاء القنبلة الذرية على الشعب الياباني في كل من هيروشيما وناجازاكي؟ وما هو مفهوم العدالة في الديمقراطية الأمريكية التي شنت حربًا ظالمة على الشعب الفيتنامي وقتلت عشرات الآلاف من أبنائه؟
ولمّا سُئل ليندون جونسون الرئيس الأمريكي آنذاك: هل بينكم وبين الفيتنام صراع مصالح أو يشكلون خطورة على أمن الحكومة الأمريكية؟ كانت الإجابة أقبح من الفعل، إذ قال إن السبب هو الخوف من إغلاق مصانع السلاح في أمريكا وازدياد البطالة. تلك هي ديمقراطية أمريكا التي تشن حربًا عبثية مجنونة أكلت الأخضر واليابس لمصلحة تصنيع السلاح الأمريكي، خوفًا من توقفه، دون احترام لحقوق الإنسان.
إذًا.. أين حقوق الإنسان عندما تتولى (سي آي إيه) إسقاط أنظمة الحكم في الكثير من دول العالم وتعريضها لحروب أهلية وفوضى كما حدث في ليبيا وتونس، ومحاولتهم الخائبة في مصر التي فشلت؟
انتهاكات مُفسرة:
فبأي حق قامت بغزو العراق واستباحت أرضه وأعدمت قائده؟ لترسل رسالة للقادة العرب: من لم يسر في ركابنا سيكون هذا مصيره. أين حقوق الإنسان مما قام به الجيش الأمريكي في العراق من قتل الآلاف، وعمليات التعذيب التي نفذها انتقامًا من الشعب العراقي، وسرقة آثاره وتدمير مدنه، والجرائم التي ارتكبوها في الآمنين نهبًا وقتلًا وتشريدًا؟ كيف تعاملت الديمقراطية الأمريكية مع الأسرى في (جوانتانامو)؟ لقد حوّلوهم إلى حيوانات وأفقدوهم الشعور بالإنسانية. وكيف استخدموا أبشع وسائل التعذيب ضد أبناء العراق في سجن أبو غريب من إهانة للإنسانية؟! لقد استباحوا حق الحياة للمواطن العراقي.
إن الغطاء الذي تحاول الولايات المتحدة أن تخفي تحته جرائمها ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، وما ارتكبته من قسوة وجرائم ضد الشعوب العربية، ومواقفها المستمرة في حماية مَن يقوم بالاستيلاء على الأراضي العربية والتأكيد الدائم على أنها تحمي كل تصرفات المغتصبين، ألا يعطي هذا الموقف دلالة على أن الأمريكان لا يقلّون عن ممارسة نفس الجرائم التي تقوم بها داعش؟ إنهم يسخّرون كل فرق الإجرام للتدمير ونشر الفتن والفوضى في الوطن العربي، ليسهل عليهم نهب ثرواته واستباحة حقوق شعوبه واحتلال أراضيه.
الاستبداد بالديمقراطية:
فأي ديمقراطية تريد الإدارة الأمريكية الجديدة أن تنشرها في العالم؟.. ديمقراطية الاستبداد وتعريض كل من يخالفها للعقوبات الاقتصادية، أو محاولات إسقاط النظم المستقرة كما حدث في فنزويلا. كم من الأبرياء سقطوا تحت قنابل الأمريكان الفتاكة؟ وكم شرّدت ملايين الأسر؟ ثم تتحدث عن حقوق الإنسان! إن الدولة الوحيدة في العالم التي لا يحق لها التحدث عن حقوق الإنسان هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتعامل مع دول العالم كأنها عبيد وخدم، عليهم السمع والطاعة.
فلسفة الكاوبوي والمجرمين تنفّذها أمريكا تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان، حتى في نقضها العهود مع حلفائها. ماذا فعلت بحليفها الأوحد في الشرق الأوسط شاه إيران؟ حتى حينما احتاج إلى العلاج في أمريكا رفضوا السماح له.
وكم نقضوا عهودهم مع حلفائهم؟ وكم هددوا حلفاءهم من بعض الدول العربية باستباحة ثرواتهم بالتهديد والوعيد؟ دولة عصابات! كيف تسمح دول العالم باحترامها والتعامل معها وهي تمثل الغدر وعدم الوفاء والإخلال باحترام الاتفاقيات؟
أمريكا في عيون العرب:
ماذا تتوقع الدول العربية من دولة دمّرت بعض الدول العربية وجعلت مدنها أنقاضًا وخرابًا؟ ألا تخشى الدول العربية التي تتقرب لأمريكا أن تغدر بها يومًا، كما سبق أن غدرت بأشقائها وحرضت على الفوضى لإسقاط النظام فيها؟
إن التاريخ شاهد على جرائم أمريكا ومؤسساتها الأمنية وهي تخطط ليل نهار للانقضاض على دولة معينة، أو إثارة القلاقل فيها والفوضى باسم حقوق الإنسان.
وكأن شعوب العالم فقدت البصر والبصيرة ولم تكتشف ما قامت به الحكومات الأمريكية المتعاقبة من جرائم ضد حقوق الإنسان. إن هذا الرفض لقرار حل الدولتين الذي مارسته أمريكا أمس في الجمعية العامة لحقوق الإنسان، يؤدي عمليًا إلى استمرار الاحتلال العسكري وما يرتبط به من انتهاكات جسيمة مثل مصادرة الأراضي، التهجير القسري، الحصار، والتمييز الممنهج. دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا السياق يُفسَّر كشراكة في استمرار هذه الانتهاكات.
سيظل كل الضحايا الذين سقطوا تحت طغيان الأمريكان وجبروتهم، تُسمَع أصوات صراخهم تطال عنان السماء، وكأنها تخاطبهم بأن الله لن يغفر لهم ما ارتكبوه من الجرائم ضد الإنسانية، وسيصيبهم عقابه كما أصاب أممًا قبلهم سادت ثم بادت وتوارَت بما ظلموا، ويحذرهم سبحانه بقوله: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا﴾ (الكهف: 59).