مجدى طنطاوى يكتب حين يتحقّق الوعد .. فهل آن أوان المراجعة؟

في خضمّ الدمار والمعاناة التي يعيشها قطاع غزّة وأمام مشهد الدماء والدموع ترتفع من تحت الركام صيحة لا يمكن تجاهلها ليست فقط صرخة المظلوم في وجه الظالم بل نداء الحقيقة في وجه المكابرة ونداء الإيمان في وجه العمى الروحي والفكري
إنّ ما يشهده العالم من طغيان الكيان الصهيوني وتجبره ليس أمراً مفاجئا لمن قرأ القرآن الكريم بتدبر وفهم الرسائل الربانية لا ككلمات جامدة تتلى دون وعي بل كحقائق تتجلى في الواقع وتُثبت يوما بعد يوم صدق هذا الكتاب العزيز
يقول الله تعالى في سورة الإسراء
{وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا}
وهل من علوّ أكبر من أن يتحدى كيان صغير حدود العالم ويتجاوز كل أعراف الإنسانية مدعوما من قوى غربية تدّعي الدفاع عن “الحرية” و”حقوق الإنسان”؟
لقد أفسدوا في الأرض فساداً منظما قتلا وتهجيرا واستيطانا واحتلالا وتشويها للمفاهيم وها هم اليوم يعلون علوا لا يشك فيه عاقل ومع هذا لا يزال الكثيرون يتعامون عن هذه النبوءة القرآنية كأنهم يخشون الاعتراف بأن هذا الكتاب الذي بين أيدي المسلمين ليس فقط كتابا دينيا بل خارطة طريق لفهم التاريخ والواقع والمستقبل
أليس هذا هو الوقت المناسب لكل من أنكر القرآن أو حرف الرسالات أو افترى على الإسلام أن يعيد النظر في موقفه؟
أليس من العقل والحكمة قبل فوات الأوان أن يتوقف الإنسان لحظة ليراجع مواقفه من كتاب قال عن نفسه
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلْآفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ}؟
غزّة اليوم ليست مجرد أرض محاصرة أو قضية سياسية إنها مرآة لصدق وعد الله ودليل على أن كلمات القرآن لا تزال حيّة نابضة تحكم الواقع وتكشف الزيف وتفضح الطغيان
ومن هنا فإن دعوة القرآن ليست دعوةً للكراهية أو للانتقام بل دعوةٌ للفهم والرجوع والانتباه إلى صوت الحق قبل أن يأتي يوم {لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ}
غزة تقاوم والقرآن يَصدُق والبشر مدعوّون للتفكّر
فمن استكبر عن هذا فليتحمّل تبعات المكابرة

زر الذهاب إلى الأعلى