المفكر علي محمد الشرفاء يكتب: الشريعة الإسلامية

الموريتاني : مصطلح تعارف عليه الناس دون تحديد لمضمونه ومعرفة عناصره وبنوده ومصادره، وحين ننظر إلى واقع المسلمين اليوم، بشأن التشريع الذى ينظم علاقات الناس، ويضع ضوابط لاستقرار المجتمعات وتعاونها، وتحقيق التكافل بين أبنائها، وتنمية المصالح المشتركة عندهم لما يحقق تطور المجتمعات نحو التقدم والرقي على أسس من العلم والأخلاق الفاضلة والمحافظة على حقوق الإنسان فى حرية العقيدة وحرية العمل والسير فى الأرض بحثا عن الرزق الحلال، ليتحقق التكامل فى المصالح الإنسانية بين أفراد المجتمع.

ذلك ما شرعه الله لعباده لأجل عيش كريم يحيطه الأمن والسلام فى كل المجتمعات الإنسانية دون تمييز بين خلق الله، فى النسب، أوالدين، أو المذهب، وما وجدناه فى الماضي يتكرر لنا اليوم فى مظاهر التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية الذى استقى عقيدته من مرجعيات متعددة لاعلاقة لها بشريعة الله، وأطلقوا عليها الشريعة الإسلامية وهي مجموعة اجتهادات بشرية صاحبها الهوى والمصالح الدنيوية وعوامل ظرفية عاشها المسلمون فى حالة من الصراع والاقتتال وسفك الدماء، وأفتى كل طرف بتكفير الآخر وضرورة قتاله فسقط آلاف المسلمين، فى موقف يتناقض مع التشريع الإلهي ويصطدم مع ما سمي بالشريعة الإسلامية التى تحارب المسلمين، وتضيق عليهم أحوالهم وتستبيح حقوقهم، وحرفوا مقاصد آيات الله لمايخدم أهواءهم وأمراضهم النفسية، فلايطيقون أن يستمعوا لرأي مغاير، فهم الوحيدون أصحاب الحقيقة المطلقة وهم الوحيدون عباد الله الصالحين، وكل مايفتون به هو الحق، ومن يخالفهم فى الرأي فهو باطل، ويجب محاربته ومنعه من إبداء فكر يتعارض مع أفكارهم منتهى الاستبداد والتشدد فى تعنتهم فيما يعتقدون.!

نرجع لمصطلح الشريعة الإسلامية إن كل من يستخدم مصطلح الشريعة الإسلامية لابد أن يكون فى قناعته بأنه يتحدث عن التشريع الإلهي فقط الذى جاءت به آيات القرآن الكريم لأن الإسلام هو رسالة خالدة أنزلها الله على رسوله فى كتاب مبين، ليبلغ الناس به وينذرهم من يوم عظيم كما قال سبحانه (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) ( المزمل :17) وكل من يحاول أن ينسب الاجتهادات الفقهية البشرية للإسلام، فهو تدليس على الناس، معتمدا على الروايات والإسرائيليات المفتراة على الرسول، علمًا بان الله سبحانه حذر من الاعتماد على الروايات المزورة على رسالة الإسلام ابتدعها أعداء الإسلام، وما في تلك الروايات من تناقض مع آيات القرآن الكريم التى تدعو للرحمة والعدل والسلام والإحسان، وحرية الاعتقاد وتحريم الاعتداء على الناس بكل الوسائل، وتحريم قتل النفس، بينما تلك الروايات ابتدعت أحكاما وقواعد ضد الإسلام وضد الإنسانية وأصبحت المرجع الأساسي لرسالة الإسلام بعد أن تم تقديس أصحاب الروايات، حيث مكنوا الروايات من الطغيان على الآيات، نشروا الخوف من الإسلام وحرضوا على الفاحشة والصراع والفتنة فى مجتمعات الإسلام، وشغلوا المسلمين بمعارك ضارية فكرية، فرقتهم إلى طوائف متقاتلة مستمرة منذ أربعة عشر قرنًا حتى اليوم، علما بان الله سبحانه حذر المسلمين من اتباع الروايات التى أطلقوا عليها مصطلح الحديث زاعمين أنها أقوال رسول الله حيث إن عناصر التكليف الإلهي للرسول تبليغ الناس خطاب الله لخلقه،أوان يتلو عليهم كتابه ويعلمهم الحكمة ويزكيهم ويعرفهم مقاصد آياته وتحذير الله للناس فى قوله سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية : 6) فالله سبحانه يستنكر فى هذه الآية كيف تؤمنون بأحاديث مكذوبة ومصنوعة وتتركون كلام الله الواحد الأحد، الذى منح حرية الاعتقاد للناس جميعًا ودعاهم إلى التفكر فى آياته والتدبر فى قرآنه حتى لايتم استغفالهم واستغلالهم فى إبعادهم عن الطريق المستقيم الذى رسمه الله لهم رحمة بالناس، حتى لايضلوا وقد خسروا الدنيا والآخرة.

إن المجرمين أمثال إسحاق الحويني وما أكثرهم من الذين سلكوا هذا الطريق لتغييب عقول المسلمين وليجعلوهم متخلفين عن ركب الحضارة والتقدم العلمي، لقد تم استخدامهم من قبل أعداء الإسلام الذى يدعو للعمل والعلم والاكتشافات التى كان يمكن أن يقود بها المسلمون العالم إلى عالم أرحب تشرق فيه قيم القرآن من عدل ورحمة وتسامح، مما يجعلهم سادة العالم ولكن المؤامرة كبيرة كما وظف الإسرائيليون الروايات المحدثة وجعلوا المسلمين يبتعدون عن آيات الله المنزلة ليسهل استعبادهم ونهب ثرواتهم، وخلق حالة من الانفصام بينهم وبين رسالة الإسلام، التى تقودهم نحو المجد والقوة، وفرضت التعلم والعلم أحد عناصر رسالة الإسلام الذى احترم الفكر وبه كرم الله سبحانه بنى آدم وجعله خليفة فى الأرض يحكمها بالعدل، ويبني علاقات المجتمعات بالتعاون ويدعوهم للبحث العلمي للارتقاء بمستوى حياة الإنسان فى عيش كريم، قاعدته الأمن والتكافل والسلام والتعاون بين كل البشر لتعظيم المشترك فى القيم والمصالح والتعاونـ حيث يأمر الله الناس بقوله سبحانه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( المائدة :2)

لقد آن الأوان لوضع سد مانعً لما يسمى بالتراث وهو مجموعة السموم التى نشرها أعداء الإسلام ليستمر التخلف لدى المسلمين، ليسهل السيطرة عليهم واحتلالهم، ومن الغريب أن تتحول المؤسسات الدينية فى العالم العربي والإسلامي لتحافظ على كتب التراث المسمومة التى فرقتهم ونشرت بينهم الفتن والتقاتل، وشوهت صورة الاسلام البراقة التى تشع نورا وسلاما حتى قيام الساعة من خلال كتاب الله وقرآنه الكريم. كيف سمحت الدول الإسلامية باستمرار تدمير عقول أبنائها من الشباب على مدى قرون من الزمن، ما نتج عنه تخريج الإرهابيين والقتلة والنفوس التى فقدت كل قيم الحياة ومعاني البر والتقوى والقيم الإنسانية التى تحافظ على حقوق الإنسان فى الحياة والتطور واستقرار المجتمعات الإنسانية، فلايحتاج المسلمون إلى معاهد دينية تحتضن القاعدة وداعش والإخوان المسلمين، وتخرج القتلة الذين يشكلون الخطر المدمر على الأمن القومي فى مصر وفى العالم العربي، فالناس بعد أربعة عشر قرنًا لا تحتاج إلى من يهدم دينها فالقرآن وتعاليمه واضحة لا تحتاج إلى مفسرين ولا إلى دعاة إنما تحتاج المجتمعات إلى مثقفين ومفكرين وعلماء فى مختلف مجالات الحياة، لا تحتاج إلي من ينشرون بين الأجيال القادمة السموم التى قضت على الهوية الوطنية، وأسست أسباب الفتن بين الشعب الواحد، ليستمر الصراع بينما أعداؤهم مستمرون فى نهب ثرواتهم واستغفالهم ومحاولة نزع هويتهم العربية والإسلامية وغرس قيم الانحطاط السلوكي والأخلاق المنحلة فى عقول الشباب لافتقادهم ذاكرة التاريخ ليسهل صياغة عقولهم بما يحقق اهداف أعداء الإسلام

المطلوب يقظة شجاعة تتمسك بكتاب الله وترمي ماعداه فى صناديق الزبالة بعدما استنكر الله سبحانه الأحاديث بقوله (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) ( الجاثية : 6) راية حمراء ترفعها الآية لخطر محدق بالأجيال القادمة وعلى المخلصين حمايتهم قبل فوت الأوان.

زر الذهاب إلى الأعلى