عندما يهبط الخطاب
الموريتاني : تسجيلات منفرة بمضمونها، مخيبة بلغتها الهابطة وتهديداتها المستبطنة إساءة، تنشرها مواقع جهات مسكونة بالإحباط من بوادر التصحيح التي بدأت تأخذ نسقا متزايدا يحيي ميت الأمل في تغيير حالة طبعها فساد عم جميع القطاعات وأعاد في تسييرها إلى اعتبارات ماضية كرست مفاهيم العشائرية والقبلية ومنطق القوة الغاشمة والانفراد في دوائر ضيقة بالقرار. إنه الانحدار بالمستوى الخطابي في هذه التسجيلات إلى مستنقعات الضحالة اللفظية وتجاوز مواثيق كل القيم والأخلاق التي تحفظ خصوصية الإنسان وقد كرمه الله وجعله خليفة في الأرض. ولأن الإسلام حرم المساس بهذه الكرامة فإنه وضع حولها أسوارا عالية لمنع تسلقها وجعل من دونها أبوابا عصية على الاختراق، وهي الكرامة الموصوفة في كتاب مكنون بلسان عربي مبين، وقد اطلع على الغرب بنودها السامية فتبناها جملة وتفصيلا ثم صاغها في عريضة أسماها “ميثاق حقوق الإنسان” فحارب بها “همجيته” واستخرج “إنسانيته” التي ترفض، القذفَ والسب والشتم وثبتها في مواثيق دوله التي استقرت على العدل واحتكمت إلى قوانينه بلا منازع، فسنت لها عقوبات صارمة رادعة. فهل يجدر بنا أن نترك لهذا الانحدار الذي تغص به عديد واجهات وسائط التواصل الاجتماعي “الغرضية” وبعض المواقع الإلكترونية “”المأجورة” والبعيدة عن الالتزام المهني، وقد ضربت جميعها عرض الحائط بكل المواثيق الأخلاقية وتعهدات والتزامات مهنة الإعلام الراقي والمترفع، أن تتمادى في غيها مرتدية له أثوابا بالية تجاوزها منطق الحداثة ونبذ سلبياتها العقل المتحرر من ظلامية الجمود وكهوفية التفكير؟ وهل يجدر بالقانون، الذي هو فوق الأشخاص والتنظيمات القبلية التباينية التفاضلية والاثنية الطبقية، ألا يتابع مثل هؤلاء الذين يتطاولون عليه ويخرقون ثوابته في تحدي سافر وكأنهم فوقه وليست يَده عليهم بمستطاعة؟ والحق أنه للعقلية المجتمعية المتحجرة على الاعتبارات “السيباتية” دورا لا تخطئه العين ولا ينكره “القبول” به كسلوك طبيعي في المسطرة “التعاملية” المجتمعية. وما الذي يحصل من هذا التعمد وتحدي القانون إلا وجها من ديمومة هذه العقلية التي تعطي الأقوياء أو “المسقوين” حق تجاوز الضوابط بحجة “المشي اعل الغرظ؟ وهل تظل كذلك مفردات هذا القاموس المتعجرف سارية تحاصر القانون وتمنع دولته من القيام بواجبها في فرض العدل والمساواة والمحاسبة والمكافأة؟