المدير المقال للأمن الوطني .. شهادة للتاريخ / عالي محمد ولد أبنو

كتبتُ عن المدير المقال للأمن الوطني مرارا، تارةً باسمي الشخصي، وتارةً بصفة رسمية. لم يكن ذلك ترفا ولا تصفية حساب، بل أداء لأمانة، وتنفيذا لصلاحياتٍ، ومواجهةً لواقعٍ أراه خطيرا على أمن الوطن.
نشرتُ قبل دقائق بعض ما دوّنته عنه وهو في منصبه، وأوجز هنا ما رصدته من أدائه:
- كان آخر ما يعنيه هو الواجب الوطني الذي أوكلته إليه الدولة.
- اتسمت فترته بكونها من أسوأ المراحل من حيث الانفلات الأمني.
- أعاد في عهده جهاز الشرطة إلى ممارسات ما قبل الثالث من أغسطس 2005.
- مارس الظلم على ضباط أكفاء، همّشهم، ورفع إلى الواجهة من لا يستحقون حتى رتبة وكيل.
- انتهك الأحكام القضائية، وهو أمر يستوجب عقوبة أشد من مجرد الإقالة أو الإحالة إلى التقاعد.
وبوصفي صحفيا استقصائيا وحقوقيا عركته التجارب، وأدرت صحيفة يومية استقصائية احتلت واجهة الساحة لعقد كامل من الزمن في فترة مفصلية في تاريخ البلد، وقفتُ على وثائق ومحاضر ذات طابع سري للغاية؛ فبين يديّ محضر قديم وموثوق وأصلي لإحدى الحركات السياسية المسلحة التي حملت السلاح ضد بعض الأنظمة الموريتانية، يتضمن لقبه “ابرور” . ومع ذلك، اخترتُ الصمت؛ فلم أنشره، لم أُبلغه هو، ولم أبلّغ غيره عنه. ليس تودُّدا ولا تردُّدا، بل احتراما لنفسي، وانحيازا للمسؤولية التي تضع الوطن قبل الأفراد والمصلحة العامة قبل كل شيء.
مشكلتي معه لم تكن يوما شخصية. مشكلتي كما كانت دائما، مع كل من يتولّى موقعا حساسا ثم يستهين به، أو يتهاون، أو يظلم، أو يتغطرس، فيهدّد بذلك أمن المواطنين واستقرار الدولة. ومن هنا كان فضحي لكل ما رأيته فسادا أو انحرافا في مساره الوظيفي منذ أن وطئت قدماه المناصب الحساسة. أما ذلك السر الذي أحتفظ به فقد آليت ألا يُقال ما دام الرجل في مساره الإداري.
هذه شهادتي. أكتبها للتاريخ، وأضعها أمام الرأي العام، لا من باب الخصومة، بل من باب الأمانة.