الأستاذ علي محمد الشرفاء يكتب : القرآن والتاريخ
لا حجة للتاريخ على القرآن، فكلام الله فوق كل رواية، والتاريخ عبارة عن قصص لعادات البشر وتقاليدهم وعاداتهم وأعرافهم، ولايمكن أن يقبل العقل والمنطق أن يكون التاريخ وعاداته وتقاليده وأقوال البشر مرجعا للدين، ويحتج الناس به على الآيات البينات وماتضمنته من تشريعات وعظات وأخلاقيات، وتعامل حضاري بين الناس على أسس فرضها الله سبحانه عليهم
فقضية الإيمان لايجوز النقاش فيها أو وضع الخطاب الإلهى فى مجال المقارنة بينه وبين الروايات أو العادات والأعراف أو التقاليد، فإما أن يكون الإنسان مؤمنا بما أنزله الله على رسوله من الآيات الكريمة التى تستهدف منفعة الإنسان، وتضيء له الطريق المستقيم فى الحياة،و تحقق له الاطمئنان والسعادة النفسية وتكسبه الثقة المطلقة فى قدرة الله سبحانه بأنه سينعم عليه بالمال والأولاد والصحة والأمان .
لذلك وضع الله سبحانه للإنسان المؤمن خارطة الطريق لحياته فى الدنيا ويجنبه ما سيواجه الإنسان يوم الحساب { يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ويعرفه طرق النجاة يوم القيامة ويكشف له عن القواعد التشريعية التى سيتم الحكم على اساسها على الناس كما يقول سبحانه: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } ألا يعلم المسلمون أن القرآن وآياته التى تضمنت التشريع الإلهي والقواعد الشرعية التى سيتم على أساسها الحكم على الناس يوم الحساب أليست الآيات التى بلغها رسول الله للناس ستكون الأساس التى سيصدر الله حكمه على خلقه.
ألايعلم الناس أنه يوم الحساب لن يعتد باي شريعة أخرى تكون أساسا للحكم على أعمال الخلق غير القرآن.. فبأي منطق يفرض على الله سبحانه أن يحكم بين الناس على أعمالهم يوم الحساب على أساس التاريخ والتقاليد والعادات، فهو الذى خلق الناس سبحانه، وخلق للناس أرزاقهم، ويسر لهم ما يقيهم البرد والحر، ويسر لهم الأرض والبحر يمشون فى مناكبها ويسعون لأرزاقهم، وأنعم عليهم فى الأرض بكل ما تخرجه لهم ولأنعامهم من مشرب ومأكل تأكيدا لقوله سبحانه { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا}
هل بلغ بالناس الجهل وغياب البصيرة فى دين الإسلام الذى تضمنته آيات القرآن الكريم والتى على أساسه وحده فقط إما يكون المسلم مسلما حقا ومؤمنا بكلام الله أو أن يكون من لا يؤمن وغير معترف بوحدانية الله سبحانه وكتابه وبرسوله الذى أرسله الله ليبلغ الناس بآياته فهو كافر وحسابه عند الله يوم الحساب، فالإنسان لديه حق اختيار عقيدته وفقا لحكم الله فى قوله سبحانه ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) .. سورة الكهف (٢٩)
فالتاريخ سجل قصصا تروى عمن عاش فى الماضى، وعن أعمالهم من حروب وتطور فى البنيان وفى التشريعات، وأنواع المعاملات، وللأسرى أحوالهم وتشريعاتهم على العصر الذى يليهم تمشيا مع القاعدة الإلهية فى قوله سبحانه ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وهذه الآية ترفع الحرج عن الناس ولاتلزمهم باتباع تشريعات وتقاليد وتراث من سبقههم. لذلك فإن الإيمان بالله لايحتاج إلى جدال أو مناقشة بين الحق والباطل، فالله وكتابه ورسوله هم الحق وماعداهم باطل، فليستيقظ الناس قبل يوم الحساب، وقبل أن يسبقه الأجل، ثم يندم بانه أشرك مع الله بعضا من عُبَّاد الله ، وحينها لاشفاعة تنفعه، ولا وسيط يسعفه، فقد جفت الأقلام ، ورفعت الصحف، ترك الحرية المطلقة لكل عصر ينظم أمور دنياه وفق متطلبات عصره، ولا يمكن استنساخ العصور لانها سنة الله فى الأرض وسنة التطور .