جاء يوم الأحد
سعدبوه سالم فال اجيه
الموريتاني : نشا في وسط أسري واجتماعي يحسد عليه، تعهده ذووه بالرعاية والتوجيه مما ولد لديه إحساسا مبكرا بالمسؤولية والنضج خوله التفوق على نظرائه في الدراسة والعمل، كان كعادته وفيا بالتزاماته نصوحا غيورا على وطنه لا تأخذه في الله لومة لائم ، همه الوحيد أن يعيش مكرما وفق مبادئ ثابتة محصلتها الدين والأخلاق الفاضلة.أعجبني كثيرا استمراره على هذا النهج وأحببت أن يكون كل الرفاق كذلك،ودعته وسافرت كعادتي خارج الوطن لكن سفري هذه المرة دام عدة سنوات.
وعند أوبتي حاولت الاتصال بصديقي ولم يتسن لي ذالك، وبعد عناء كبير تمكنت من مقابلته لم يكن بالمواصفات التي عهدتها تغير لونه، تغيرت سيارته، تغير منزله، وتغير مكان منزله!! بصعوبة تذكرني، صافحني مبتسما، ومتجها نحو سيارته الفارهة، وقال لابد أن نلتقي وقتا آخر أما الآن فلدي اجتماع سياسي لايمكن أن أفوت الفرصة ، فالفرص لاتكرر.
ابتسمت في وجهه مجاملا ومستغربا ودعني وانصرف بدأت أفكر في الفرصة التي أراد أن لا تفوته، لم يكن صاحبي من صنف الانتهازيين! مالذي حدث ؟ كان صاحب مبادئ يهتم بكرامته وسمعته أكثر من اهتمامه بالماديات، انصرفت وأنا تائه في الغوص في مخيلتي لعلني أجد تفسيرا مقنعا يهون علي هول صدمة لقاء هذا الصديق الغالي لمعرفة كنه ماطرأ عليه لكن بدون جدوى.
وإيمانا مني بقدسية الصداقة التي بيننا عقدت العزم أن يكون لقاؤنا يوم الأحد بدل يوم الجمعة كما تعودنا سابقا.
جاء يوم الأحد:
إلتقيت به، رحب بي كثيرا وبدأنا نتناول أطراف الحديث ، تعودنا أن نتحدث بدون تحفظ سألته عن طبيعة عمله وهل واصل الدراسة بعدي فأجاب قائلا:
في بلادنا الدراسة ليست ذا أهمية، المهم علاقاتك بالنافذين وأن تكون مرنا بإمكانك أن تتحرك بكل اتجاه حسب الحاجة بعيدا عن التحجر والمبادئ والإيديولوجيات البائدة ، لذا قررت الانخراط في السياسة لأني رأيت أنها أسرع طريقة للوصول إلى الهدف ، والغاية تبرر الوسيلة ، وأنصحك أن تسير على نهجي لكي تحقق طموحك ، فأنا الآن أتنقل بين المناصب التي أريد بفضل ولوجي للسياسة من بابها الواسع بعيدا عن المبادئ الراديكالية البائدة التي تعيق التفكير وتكبح الطموح.
حديثه هذا، أثار استغرابي وحرك مشاعري، وقلت: أ إلى هذا الحد يا أخي وصلت!!! ضحك مستهترا وقال:على هذا النحو سار أغلب من تألق من رفاقنا فإما أن تبقى في خط الجمود والرتابة فتغرد خارج السرب وإما أن تنتظم وتساير خط الانفتاح والمرونة فتجد نصيبك من الكعكة كاملا غير منقوص .
أوقفته قائلا : تعفف أخي السياسي ؛أما أنا فأفضل التغريد خارج السرب بالابتعاد عن السياسة سياسة العالم الثالث هذه، فلا أتحمل التناقض مع مبادئي ومعارفي وتربيتي الدينية والخلقية التي تحض على الوفاء وعلى التمسك بالقيم والمثل الفاضلة بعيدا عن التمصلح والانتهازية، ومن نافلة القول أن للإنسان الحق أن يتوق إلى التميز وسمو المقام والمنزلة لكن ليس على حساب الكرامة والعرض فذلك يعتبر سباقا إلى الوراء، بمعنى أن سباقا من هذا النوع صاحبه لايهتم بمآلاته الجوهرية التي هي الأساس والركيزة التي تتجسد فيها الحياة الكريمة التي تضمن الفوز وعلو الشأن.
إن أمة هكذا تفكير مثقفيها وسقف طموحهم أيلولتها الاندثار والضمور.