علم الأوبئة العربي والحجر الصحي… لماذا طبقت دول أوروبية إجراءات الحجر الصحي ضد الطاعون ؟
كانت الأوبئة القديمة التي حصدت أرواح سكان العالم شائعة في الأزمنة القديمة في مجتمعات الهند والصين ومصر واليونان وغيرها، لكنها انتقلت لمجتمعات جديدة في أفريقيا والأميركيتين بسبب حركة التجارة والهجرة، أو النقل القسري للعبيد، والغزو العسكري.
وفي مقدمته لكتاب “الأوبئة والتاريخ.. المرض والقوة والإمبريالية” للمؤرخ والأكاديمي الأميركي شيلدون واتس، يرى المترجم والأكاديمي أحمد عبد الجواد أن الطاعون في الأزمنة القديمة والعصور الوسطى هاجم الهند ومصر والصين مثلما هاجم أوروبا وبريطانيا وأميركا على حد سواء، لكن ما اختلف هو نمط الاستجابة بين المجتمعات.
ويتابع عبد الجواد -أستاذ الطب البيطري بجامعة القاهرة- القول إن المجتمعات الأوروبية الحديثة طورت نظم ومؤسسات للتعامل مع “الكائنات الدقيقة” والأوبئة، بخلاف المجتمعات الأخرى، وبعد كارثة الطاعون الأولى في أوروبا عام 1347 وخلال قرن من تفشي الوباء، طُبقت إجراءات وقائية للحد من انتشار الطاعون، وبحلول عام 1450 طبقت مدن الشمال الإيطالي الحجر الصحي بإجراءاته الخمسة التي تشمل تحديد انتقال البشر ودفن الموتى بالطاعون في حفر خاصة وتغطيتها بالجير الحي والتخلص من متعلقاتهم، وعزل المرضى في مصحات الأمراض المعدية، وفرض ضرائب لصالح قطاع الصحة العامة، وتقديم المعونة للمتضررين بسبب الوباء.
ويطرح عبد الجواد تساؤلاً مهماً، لماذا طبقت في الشمال الإيطالي إجراءات الحجر الصحي ضد الطاعون منذ منتصف القرن الخامس عشر، وتبعتها دول أوروبية أخرى رغم ان اكتشاف الميكروبات الدقيقة المسببة للأمراض جاء بعد ذلك بأكثر من أربعة قرون على يد الطبيب وعالم البكتيريا الألماني الرائد روبرت كوخ؟