من روائع علي محمد الشرفاء الحمادي/ القرآن.. ومؤامرة بني إسرائيل/

كيف يمكن التأكد من مصداقية روايات الأئمة الأربعة بعد مضي أكثر من قرنين من الزمان على وفاة الرسول، وما هو الهدف من حشد عشرات الآلاف من الروايات التي ليس لها أساس مؤكد، ولا ضرورة لتلك الروايات بوجود القرآن الكريم الذي استكمل آياته في حجة الوداع، حين أبلغهم الرسول بقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). 
هل منح الله رسوله بإضافة أقوال على آيات القران الكريم أو بحذف آيات منه؟ بماذا كلّف الله سبحانه رسوله في نقل الرسالة؟ وفي ذلك يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)، وما أنزله على رسوله كتاب كريم ليبلغه للناس كافة ويتخذونه خارطة الطريق تعينهم في مواجهة أعباء الحياة، وتضبط إيقاع حركة المجتمعات الإنسانية، وتمنع طغيان قوم على قوم وتنشر السلام بين الناس ليعيشوا في وئام وتعاون ومحبة، ينتشر الأمن بينهم ويتحقق لهم الاستقرار الذي يلهم الناس في تحسين أحوالهم المعيشية، وتطوير علاقاتهم الاجتماعيةز
وقوله تعالى في سورة النجم (وماينطق عن الهوى).. إنما يعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما يتلو عليهم القران فهو لا ينطق عن الهوى بل هو وحي أنزله عليه في قرآن مجيد، وقوله تعالى في نفس السورة (إن هو إلا وحي يوحى) يعنى إنما ينطقه الرسول قرآن كريم أوحى الله به إليه ليتلوه على الناس ويشرح لهم مافيه من حكمة ويوضح لهم مراد الله من آياته، ونستنتج من الآيات السابقة تكليف الله لرسوله بتبليغ رسالته للناس فقط بتلاوته للقرآن وتعليمهم الحكمة، وقد حسم المولى عز وجل مسئولية الرسول عليه الصلاة والسلام مهمة محددة لا زيادة فيها ولا نقصان، وعلى مايبدو أن المتلقين للآيات الكريمة لم يستطيعوا مغالبة النفس البشرية بأهوائها وأطماعها أن تصمد أمام مغريات الحياة وأن يتمكنوا من كبح جماحها..
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام ارتقى بسلوكه وصقل الله أخلاقه وارتفع به إلى مصاف الملائكة الذين تجردوا من الأهواء البشرية وتطهرت قلوبهم النقية، لقد جاء عليه الصلاة والسلام بالنور الإلهى ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور، ظلمات القهر والظلم والإجرام بكل أشكاله إلى نور الحرية والمحبة والأخوة والتعاون والسلام والعدل.
إن المسلمين يستمدون تطبيقاتهم الدينية من فقه وتشريع من مصدرين اثنين أولهما قول مباشر ينقله عن الوحى من الله محفوظ في كتاب كريم إلى قيام الساعة.. ثانيهما أقوال قيلت عن الرسول منسوبة إلى الصحابة تم نقلها من قبل كبار ناقلى الروايات بعد وفاة الرسول بأكثر من مائتي سنة، هل يستويان؟ هل الاعتماد الكلي للفقه الديني على مرجعية الروايات الوحيدة مقصود به تحييد القرآن لتتحقق مقاصد ناقلى الروايات بعزل القرآن عن الفقه الإسلامى، وتتحقق صياغة الشخصية الإسلامية التي تحقق التفرقة بين المسلمين ينتج عنها طوائف متعددة تتقاتل فيما بينها، وبالتالي تتوارى القيم الربانية التي تأمر بالرحمة والعدل والتعاون والسلام بين الناس جميعا..
إن نظرة لتاريخ المسلمين تؤكد لنا ماحدث من حروب دامية بين المسلمين والفرق الإسلامية المتناحرة، وكل منها يدعى بأنه هو الوصي على الإسلام والدعوة إليه وغيره كافر، لأنه لايتفق معه في مرجعيته وتتسارع وتيرة الصراع بين مختلف الفرق الإسلامية، ويتحقق لأعداء الرسالة الإسلامية مايخططون له باستمرار القتال بين العرب المسلمين، وينشغلون في أنفسهم عن عدوهم ويتحين بنو إسرائيل الفرص الضائعة من العرب ويستمرون في التوسع في المستوطنات على حساب الشعب الفلسطيني حتى لا يبقى لهم متر من الأرض يتفاوضون عليه ليتحقق حلم إسرائيل باحتلال كامل الأراضي الفلسطينية، وليس أدل على تلك النتائج الكارثية سوى ما حدث في العراق وفى سوريا واليمن وليبيا عندما استطاعوا مع حلفائهم تفجير الوطن العربى، ليسهل لهم تحقيق أهدافهم حماية للأمن الدائم لدولة إسرائيل، لتصل حدودها من النيل إلى الفرات لو نجحت خططهم سنة 2011 في جمهورية مصر العربية لتمكنوا من تحقيق حلمهم ولكن الله خذلهم… ونكمل في مقال قادم. 

زر الذهاب إلى الأعلى