وتر حساس… صرخة الصمت بين جدران التناقض


ـ تدوي، في أرجاء هذه البلاد، صرخة ضد الظلم فلا تلقى سمعا وكأن أمرها لا يعني سوى من يطلقها زفرة تطبق عليه صمت جدران الطي والنسيان.
ـ يضيع كل نداء صادق، إلى “كلمة سواء” تحرس الوطن في حدود الحفاظ على مقدراته وتعادلاته، وكأنه رفض لـ”مقصد العدل” الذي يخل بالتوازن “السيباتي” القائم منذ ما قبل الدولة.
ـ تعتمرُ عماماتُ الطهر المزيف الهاماتِ المدثرة بجلباب التدين لتضرب في الصميم معاملات هذا الدين القيم سنته الطاهرة، ولتغرس غير معترفة أو مكترثة كل صفات الجاهلية في مسطرة التعامل بدء بـ”الحمية الجاهلية” والاصطفاف الظالم إلى غايات النهب السافر والفساد الصارخ الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا يأتيها.
ـ وتنتعش عند كل منعرج أو تحول جميعُ رواسب الانتماءات الضيقة لتستوطن من بعد حنايا صفحات “أدب” مقدود، منذ القدم، على مقاس المزاج المجتمعي “السيباتي”؛ أدب:
ـ يتغنى بغالب من زائف المجد المصطنع لذر الرماد في العيون عن واقع التخلف المدني والحضاري والتملق الديني، والركود المعرفي، والنضوب الفكري،
ـ ينشر ويمجد النفاق والتملق السياسيين،
ـ ويبيح التلون والانتجاع والغدر،
ـ ولا يتوانى عن التعاطف التلقائي مع البغاة والمفسدين، ويشد على أيديهم بعرى العصبية الضيقة وأظافر الظلامية الحادة،
ـ ويغَطي الحق بالبطال دون خوف من ردع بالمرصاد، أو وخز من ضمير نقي، أو إذعان لوازع ديني راسخ أو استجابة لتنبيه من صحوة ضمير حي يؤنب.
ولكن الذي يدعو للعجب والاستغراب، عدا عن كل هذا، فهو منطق استمرار “دورة” الحياة السيزيفية من صلب “لا منطق” الأشياء، بانسيابية وجرأة تامة على إتيان المفاسد وكأنها أمر طبيعي ومشروع، ونشر صارخ للغبن والاقصاء، وتعمد للظلم وتغييب للعدالة، ودمار لمجهودات البلاد وقهر للعباد، وتجاوز للقانون، على أيدي فلول المفسدين الطليقين في حمى القوالب الاجتماعية التراتبية العصية، لا يخافون مساءلة ولا ترهبهم محاكمة ولا يخشون عقابا بل وينعمون في اطمئنان بما نهبوا ويفعلون، طليقي الأيدي، ما يحلوا لهم ويريدون في:
ـ هدوء الدمار الذي يحدثون للبلد والبؤس الذي يسببون لغالبية الشعب،
ـ وصمت موات الضمائر المطبق،
ـ وتعمد التحدي لروح الدين وجوهر سلوكه بمجانبة تفعيل وتغليب تعاليمه مع الإيهام بالعمل بها بمنطق أنهار الألفاظ المنظومة والمنثورة لكن بخلاف الفعل التطبيقي.
نعم إنها سياط التناقض تدمي نفوس أهل بلاد التناقضات الكبرى حتى الاغماء تارة، وتسكرهم حتى الثمالة والانتشاء تارة أخرى.

الولي سيد هيبة

زر الذهاب إلى الأعلى