عقوق الآباء / بقلم الدكتورة: ياسمين الخالدي
الموريتاني : قد يبدو لقارئ مقالتي هذه في البداية أن هناك خطأً مطبعياً أصاب عنوانها، فعادة ما نقرأ عن عقوق الأبناء لآبائهم، وكيف يقسو فلذات الأكباد على أمهاتهم، وترى المجتمع بأكمله يتحدث عن كثرة العقوق، وكثيراً أيضاً ما نشاهد مقاطع فيديو تثير هذه النقاط الحساسة في مجتمعاتنا.
.
بلاشك وبالتأكيد إن مقام الأب والأم يساوي النفس والمال، ورضاهم لا يقدر بكنوز الدنيا، ومن واجب الأبناء أن يفدووا آباءهم بدمائهم لو احتاج الأمر إلى ذلك، فهم سبب للرزق ودعواهم سبيلٌ للتوفيق ومحبتهم لا يعادلها محبة، ورضاهم يجلب رضا الله سبحانه وتعالى، ومهما فعلنا فإننا مقصرون.
.
كأخصائيين نفسيين وكمستشارين أسريين دوماً ندرس القضية من كل جوانبها، لاسيما النفسية، نسأل أنفسنا سؤالاً: لماذا اتجه الأبناء لعقوق الآباء؟ ومن المذنب في هذه القضية؟ ما هي واجبات الآباء تجاه أبنائهم؟
.
الابن مذ كان طفلاً تبقى نظرة الأهل إليه أنه لازال صغيراً، ويستمر ذلك للأسف، ربما من خوفهم عليه، لكن ذلك يؤثر على نفسيته في كل مراحل حياته (طفلاً وشاباً ورجلاً)، فمثلاً توجه الأب لابنه بعبارات قاسية أمام أحفاده أو زوجته يحرجه ويقلل من قيمته، كذلك عدم الاعتماد على الابن يولد شعور سيء لديه وتصبح نظرته لوالده نظرة يكللها فقدان الثقة.
.
العبارات النابية كذلك، وغضب الآباء، يولد شعوراً مضاداً لدى الأبناء، كذلك التفرقة بين الأبناء تجعل العلاقة هشة، وعدم تقدير الأب للابن أو تحاشي مبادلته عبارات الثناء والمديح سيحول أسمى العلاقات الإنسانية لمجرد أداء واجب ليس إلا.
.
ماذا لو توجه الآباء بالدعاء لأبنائهم والرضا عنهم دون مناسبة، ماذا لو خفض الآباء صوتهم على أبنائهم، ماذا لو قدروا همومهم، ماذا لو اعتبروهم أصدقاء، واعتبروا أن سعة صدرهم واجبة، وأن علاج عقوق الأبناء يكون بالود لا بالغضب.
.
إلى كل الآباء والأمهات .. أعينوا أبناءكم على بركم .. اللهم احفظ آباءنا وأمهاتنا جميعاً .. فهم قرة أعيننا وقبلة أحلامنا .. وشمعة حياتنا .. ونورنا في ظلمة الحياة.
((بِروا أبناءكم……ّيبروكم كِباراً))