هل نحن على مشارف انقلاب ناعم في تونس؟
شهدت تونس مع بداية شهر جوان 2020 محاولتان للانقلاب على المسار الديمقراطي واحدة يوم 1 جوان 2020 والثانية يوم 14 جوان 2020. هذه الأخيرة تم الحشد لها عبر الإعلام المصري والإماراتي حيث تعمد المذيع المصري أحمد موسي تحريض الشعب التونسي للخروج إلى الشارع حتى يكنس الإخوان على حد قوله. كما تعمدت القنوات الموالية للإمارات والسعودية كالحدث والعربية وسكاي نيوز إعداد فرق كاملة عبر كل الشوارع استعدادا لهذا الحدث الذي ظنوه عظيما حتى يتمكنوا من نقل السقوط المدوي للإخوان مباشرة وعلى الهواء لتحتفل الرياض وأبو ظبي بهذا النصر العظيم بالقضاء على أخر معاقل الحرية في الوطن العربي وإعادة الديكتاتورية إليه ليصبح كبقية الأشقاء.
كان ذلك حلمهم ومُناهم ولكن للشعب التونسي رأي أخر وانتهى اليوم ببكاء إحدى قادتهم تحسرا على عدم دعم الشعب التونسي لها في ثورتها العظيمة. وأحيط بها من قبل سيدتان من الأمن التونسي تمثلان تنوع المجتمع الذي يريدون طمسه حتى أوصلاها إلى مقرها الأخير. لتغادر لا تحمل إلا الخيبة الأخيرة لمحور الشر.
لقد كان رد الشعب التونسي على الثورتان الافتراضيتان ردا زلزل تحت أقدام من يردون السوء بتونس في الداخل والخارج. فالشعب التونسي رغم عدم رضاه على أداء الحكومات التي تصدرت للشأن العام منذ الثورة إلى اليوم إلا أنه لن يقبل أن يسلم البلاد لعصابة مغامرين يحركهم المال الأجنبي والقوى الأجنبية حتى وإن وعدوه بالجنة. فلا قيمة للجنة إن لم تكن للحرية فيها وجود. إنه درس مجاني يقدمه الشعب الذي يعاني من البطالة والفقر وقلة ذات اليد لتلك النخب التي باعت ضميرها ووطنها من أجل حفنة من الدولارات.
ليوم وبعد هذه الرسالة الواضحة من الشعب التونسي والتي أكدها المواطن الذي تدخل في بث سكاي نيوز المباشر ليقول إن النصر للشعب التونسي والثورة على أعداء الوطن في الداخل والخارج، يجتمع جماعة من رؤساء وقادة الأحزاب التي فشلت في كسب ثقة الشعب في الانتخابات الأخيرة تحت خيمة الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك لهدف واحد وأوحد الالتفاف على تلك النتيجة ومحاولة الانقلاب عليها بمسميات عدة منها حكومة الإنقاذ الوطني والسؤال إنقاذ من؟ من من؟
يبدو أن الحملة الأخيرة للحكومة حول بعض بارونات ومافيات الفساد في القطاع العام والخاص قد حركت بعض القوى النافذة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل والتي لها مصالح في استمرار وضع بعض المؤسسات العمومية على حاله حتى يتيسر نهبها واستغلالها لقضاء مصالحهم الخاصة. وحتى يستمر بعض رجال الأعمال في التهرب من دفع ما لهم للدولة من قروض بنكية منذ ما قبل الثورة لم تسدد لليوم وكذلك الضرائب الواجبة والتي يساعدهم بعض موظفي الدولة من الفاسدين في تغطيتها وطمسها. وهؤلاء الموظفين أغلبهم مسؤولين نقابيين يخشون أن تطالهم المحاسبة التي انطلقت وبجدية من قبل الحكومة الحالية. ولذلك يتم توظيف مكانة الاتحاد العام التونسي للشغل واستغلال قيمته المعنوية والجماهيرية للضغط من أجل حل الحكومة الحالية ووضع حكومة على هواهم مثلما حصل في صيف 2013 بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي حيث شكلت حكومة أعادت إمضاء كل عقود المؤسسات الفرنسية الناهبة لتونس في غفلة من الشعب.
إن الفاسدين في المؤسسات العمومية ومن خسر الانتخابات من اليسار المتطرف والموالين للقوى الخارجية في فرنسا والامارات والإعلاميين المرتزقة والمافيات النافذة للرأس المال اللاوطني والمهربين والنخب الفاسدة يجتمعون اليوم جميعا مستغلين خيمة الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل العبث بمستقبل تونس لفائدة قوى أجنبية. دافعهم لذلك هو صد حملة محاسبة الفاسدين التي انطلقت الحكومة في مسارها بجدية وحزم. إن المجتمعين جميعا سيستعملون كل الوسائل لتحقيق أهدافهم بما في ذلك الاضرابات والاعتصامات في مواقع العمل وصولا إلى الاغتيالات السياسية وتمكين الإرهابيين عبر بارونات التهريب والفاسدين في الأمن الوطني من اختراق الحدود بدعم وتحالف من المخابرات المصرية والإماراتية والفرنسية لبث البلبلة في تونس ودفع شعبها لليأس.
إنه انقلاب ناعم كامل الأركان يعد في الغرفة المظلمة التي تحدث عنها الرئيس التونسي ذات اليوم دون أن يسميها. وهو انقلاب يهدد استقرار تونس ووحدتها وهؤلاء القوم مستعدون لحرق الأخضر واليابس لتحقيق أهدافهم. إنه تحالف هجين بين الحقد الايديولوجي والفساد والعدو الأجنبي. وهو تحالف خطير لأنه يفتقد كل قيم أخلاقية أو إنسانية ولا يتورع عن شيء.