لا..”للتَّبَاعُد السِّياسِيِّ” / المختار ولد داهى
الموريتاني : دشَّن النظام السياسي الحالي مأموريته بالقطيعة مع “التباعد السياسي” وفاءً بتعهده بتهدئة المشهد السياسي الوطني و تطبيع العلاقة بين الموالاة و المعارضة تجسد ذلك فى عدة “إجراءات-إنجازات” منها انتظام اللقاءات المؤسسية الدورية مع زعيم المعارضة الديمقراطية و الحفاوة باستقبال الرموز التاريخيين المؤسسين للمعارضة و سَنِّ سُنَّةِ التشاور مع المترشحين المنافسين فى الانتخابات الرئاسية.
ضف إلى تلك الإنجازات تأسيسُ إطار تشاوري بين الأحزاب الممثلة فى البرلمان من قطبي الموالاة و المعارضة حول متابعة تداعيات جائحة كورونا،وهو الإطار الذى إن حالف التوفيق أعماله و حرص كل طرف و خصوصا الموالاة على نجاح مهامه فغير مستبعد أن يُنْتِجَ ثقةً قد تكون نواة لإطار تشاوري دائم بين الموالاة و المعارضة حول أمهات القضايا الوطنية(الوحدة الوطنية،الوئام الشرائحي،..)مما يشكل قطيعة مع عهود التأزيم السياسي بلا سبب و يؤسس لتجاذب و تنافس سياسي نظيف بين الموالاة و المعارضة.
و قد أدى حادث وفاة أحد المخالفين رحمه الله لإجراءات إغلاق الحدود نهاية شهر مايو 2020 بمقاطعة”امْبَانِي” برصاص-خطإ من أحد الجنود إلى تبادل “بيانات متشنجة” بين الاتحاد من أجل الجمهورية و بعض أحزاب المعارضة كان من الممكن تفاديها بل لا مبرر لها و يجدر بالحادبين على بيضة الوطن العاضين بالنواجذ على القطيعة مع قاموس التأزيم و “معجم الأزمات الحقوقية الماضية” أن يتداركوا الأمر و يستعيدوا الثقة بين مكونات الإطار التشاوري.
و إنه لمن المطمئن استئناف أعمال الإطار التشاوري بحضور جميع الأعضاء باستثناء التغيب المأسوف عليه لحزب التجمع الوطني للإصلاح و التنمية (تواصل)و مما يزيد الاطمئنان تكليف رئيس أكبر الأحزاب السياسية(الاتحاد-UPR) سيد محمد ولد الطالب أعمر و رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي الرمز التاريخي مسعود ولد بلخير بالتفاوض مع حزب تواصل من أجل استئناف نشاطاته بالإطار التشاوري و هي مهمة و سِفَارةٌ أتوقع أن تكون سهلة وموفقة.
و تحصينًا لهذا الإطار التشاوري من كيد أصحاب المصلحة فى “التباعد السياسي”(من خارج الإطار)أقترح اتخاذ الخطوات التالية:
أولًا-انتخاب ممثل مؤسسة زعامة المعارضة الديمقراطية نائبا لرئيس لجنة متابعة صندوق التضامن و محاربة كورونا بما يعنى ذلك من إرادة إشراك المعارضة الديمقراطية فى كل القضايا التى تتطلب الإجماعية الوطنية؛
ثانيا-تكليف بعض الأطر الراسخين فى النضال بصفوف أحزاب المعارضةبمهام إدارية سامية لا يستبعد أن يكون العديد منها شاغرا فى الأسابيع القليلة القادمة بفعل ما أتوقعه من تداعيات تقرير لجنة التحقيق البرلمانية و هو أمر إن حدث فسيجسِّدُ قطيعة مع عقود من ثقافة “التجريم و الحرمان على أساس المعارضة”؛
ثالثًا-إرساء تشاور حول إنشاء مجلس وطني استشاري للحكامة الراشدة و محاربة الفساد يكون عدد أعضائه محدودًا و تشترط لعضويته حيازة مستوى علمي رفيع و تجربة إدارية راسخة و صحيفة بيضاء خلوٍ من السوابق التسييرية على أن يخصص للمعارضة الممثلة بالبرلمان ربع أعضاء المجلس المنشود؛
رابعًا-مبادرة أحزاب الأغلبية و المعارضة بالبرلمان بمقترح قانون يؤسس للعزل بين العمل السياسي و النضال الحقوقي تطهيرا للأخير من كل شبهات الاستغلال و المركنتالية السياسوية على أن يكون تحريم الجمع بين الشأن السياسي و الحقوقي مؤقتا الغرض منه بناء إجماع وطني منزوع التسيس حول معالجة المظالم الحقوقية المتوارثة و التى هي أم المستعجلات الوطنية و “الشاغل الوطني رقم 001”.