المفكر علي محمد الشرفاء يكتب: شريعة الله للناس
كثير من المسلمين والسلفيين والمخدوعين والظانين بأنهم مصدقون بأنهم مسلمون يطالبون بتطبيق شرع الله، وهم يتصورون أن شريعة آلله تحرض على القتل والكراهية وتدمير المدن وسبي النساء واستحلال أموال الناس واحتلال أراضيهم باسم شريعة الإسلام، يحرمون ما أحل الله، ويحللون ما حرمه، قلوبهم حاقدة سوداء، وأفواههم تخرج منها السموم، جعلوا أنفسهم وكلاء عن الله فى الأرض، يراقبون الناس فى عقائدهم، ويحكمون عليهم بالردة إذا تخلفوا عن الصلوات، ويقتلونهم عقابا وتعزيرا، عينوا أنفسهم قضاة عن الله فى الأرض، يتولون الادعاء ويحكمون على المتهم، وينفذون الأحكام كيفما يشاؤون، يظلمون الناس، ويستمدون سلطتهم المطلقة من كتب التراث المسمومة، ويسعون فى الأرض فسادا .
يرتكبون الجرائم ويقطعون أعناق الأبرياء، ماتت لديهم الضمائر وتبلدت عندهم المشاعر، حتى رد السلام على الناس استكثروه، وهم يعلمون أن شرع الله وحكمه فى كتابه الكريم قوله سبحانه (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)(النساء).
وإذا كانوا يطالبون بتطبيق شرع الله الذى تضمنته آيات القرآن الذي يدعو للرحمة والعدل والحريّة والإحسان والسلام، وعدم الاعتداء على الناس واحترام حقوق الإنسان فى اختيار عقيدته ودينه وملته فلا وصاية عليه من أحد إلا الله فأين الرحمة فى قلوبهم؟! وأين الإحسان لديهم؟! وكيف يتعاملون مع غيرهم من أتباع الأديان الأخرى؟! وهل اتبعوا أوامر الله سبحانه وحقنوا دماء المسلمين وغير المسلمين ؟!
كم من معارك وحروب شنها الخلفاء المسلمون فيما بينهم مثل معركة صفين بين علي بن أبي طالب ومعاوية وبين الخلافتين العباسية والأموية.
على مر التاريخ لم يفلح ما سمي بالخلافة أو الحكم الإسلامي- ظلما وبهتانا- في احترام حقوق الإنسان وصيانة حريته وحماية ممتلكاته، وتأمين أرواح الناس بل كانت تمثل الاستبداد والظلم وارتكاب المعاصي والجرائم وانتشار الفساد بكل أشكاله، واستغلال الإنسان بكل الذل والمهانة التى تتنافى مع الشريعة الإلهية والأخلاق القرآنية.
ونرى تلك الأمثلة مازالت حتى اليوم تمارسها داعش والقاعدة وغيرها من فرق الضلال الذين اتخذوا قتل الأبرياء شعارا إسلاميا، وتخريب المدن تنفيذا للأحكام الشرعية التى ألفها أتباع الشيطان، الذين ينشرون البؤس والخراب فى كل قطر يحلون فيه.
ولننظر ماذا فعلوا فى سوريا جعلوها أطلالًا مدمرة بعد ما كانت حضارة معمرة؟! وماذا أجرموا فى العراق أرض إبراهيم عليه السلام أرض الحضارة والعلوم؟! وماذا يفعلون فى ليبيا غير سفك الدماء وقتل الأبرياء؟!
ويدعون بأنهم يحكمون الإسلام ويتبعون شريعته، ولا يعرفون من شريعة الإسلام غير القتل والتدمير والتخريب والتفجير فى الأبرياء والآمنين ، بينما حكم آلله ورسوله الرحمة والعدل والحريّة والإحسان والسلام الاجتماعي والتكافل وتحريم قتل الأبرياء، فهؤلاء ليست شريعتهم الإسلامية فهم لديهم الشريعة الشيطانية مغطاة بعلم أسود، شعاره الله أكبر
كلمتان تختزل الإسلام وشريعة الله فى آيات القرآن، حتى أصبح من يرفع حكم الإسلام شعارا للتطبيق فى المجتمعات الإنسانية، إنما يرمز للكراهية والفزع، ويزرع الخوف فى النفوس لما ارتكبه دعاته من أهوال وجرائم ضد الإنسانية.
إنهم يحاربون الله ورسوله ويتحدون كتاب الله وشريعته ودعوة الحق ورسالته لنشر الرحمة والسلام واحترام حقوق الإنسان، ولذلك وصفهم الله سبحانه (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) (المائدة)
لقد تحولوا إلى وحوش مفترسة تتلذذ بالقتل وتستهويهم الدماء، يستمتعون بتدمير الأوطان، ويرقصون طربا بصراخ الأطفال وبكاء الأرامل، يستبيحون كل ما حرم الله!!
فأين المسلمون الصادقون؟! ألم يفرض الله عليهم مواجهة العدوان والمفسدين فى الأرض ؟! ألم يأمرهم سبحانه بقتال المعتدين ومواجهة المفسدين؟! لماذا هذا التخاذل فى كشف الظالمين المجرمين فى حق الناس وحق الدين؟! أين المشايخ وأين علماء الإسلام الصامتون عن المنكر الموافقون على السماح للمفسدين باستخدام غطاء الإسلام لكل فسادهم وجرائمهم؟!
ألا يعتبر الساكت عن الحق شيطان أخرس؟! كيف يقبلون ما قامت به الفرقة الضالة بقتل المصلين فى مسجد الروضة فى سيناء؟! كيف يرضون بأن تنتهك قيم الإسلام لتتحول بدلا من دعوة للرحمة والعدل إلى دعوة للظلم والإجرام؟
كيف سيكون موقفهم يوم الحساب وماذا سيكون جوابهم حينما يحشرهم الله يوم القيامة، حيث يقول سبحانه( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) (الفرقان) وحينئذ لن ينفعهم شفيع، وسيقضي الله عليهم حكمه فلقد خسروا الدنيا والآخرة.