رغم الاختراق.. أروقة حكم أمريكية لا تزال حكرا على البيض
كشفت بيانات حديثة عن استمرار وجود فجوة في تمثيل ذوي الأصول الأفريقية بمفاصل الحكم في الولايات المتحدة، رغم التقدم الذي حققوه مع عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض.
ووفق بيانات لمركز “بيو” الأمريكي للأبحاث، اطلعت عليها “عربي21″، فإن هنالك تقدما كبيرا، عاما بعد آخر، لتمثيل ذوي الأصول الأفريقية في مجلس النواب، كما أن بعض الإدارات، بما فيها الحالية برئاسة جو بايدن، منحتهم حصة من المناصب تفوق نسبتهم السكانية، لكن ذلك لا ينسحب على مجلس الشيوخ وحكام الولايات، حيث يبدو المشهد صادما.
هاريس تختزل “التقدم البطيء”
وبحسب تقرير “بيو”، فإنه وبعد 12 عاما من دخول باراك أوباما التاريخ كأول رئيس أسود للولايات المتحدة، فقد أدت امرأة سوداء اليمين لمنصب نائب الرئيس، بعد انتخاب جو بايدن.
وكامالا هاريس، ذات الأصول الأفريقية-الجامايكية والهندية، حققت عدة ألقاب بفوزها برفقة بايدن، ولكن هذا الاختراق المتأخر يعكس بحد ذاته التقدم البطيء الذي أحرزه الأمريكيون السود في العقود الأخيرة باكتساب موطئ قدم أكبر في القيادة السياسية، وفق التقرير.
وينظر العديد من ذوي الأصول الأفريقية إلى التمثيل السياسي على أنه حافز محتمل لزيادة المساواة العرقية، وفقا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث في حزيران/ يونيو 2020.
وقال أربعة من كل عشرة بالغين من السود إن العمل على انتخاب المزيد منهم في المناصب سيكون تكتيكا فعالا للغاية للمجموعات التي تسعى جاهدة لمساعدة هذه الفئة على تحقيق المساواة، فيما لم تتجاوز نسبة من وافقوا على ذلك من البيض الـ23 بالمئة.
مسار تصاعدي في “النواب”
وتكشف البيانات من العقود العديدة الماضية المسار التصاعدي لتمثيل ذوي الأصول الأفريقية في مفاصل الحكم، ففي عام 1965، لم يكن هناك أعضاء في مجلس الشيوخ أو حكام من السود، وكان منهم خمسة فقط في مجلس النواب.
أما اليوم، فإن هنالك تمثيلا أكبر في بعض الأروقة، إذ بات مجلس النواب يضم 57 عضوا من أصول أفريقية، من بين 435 نائبا، وهي أقرب نسبة على الإطلاق لكتلة السود في المجتمع الأمريكي (13.4 بالمئة وفق مكتب الإحصاء الأمريكي).
واقع صادم في “الشيوخ” والولايات
ولكن في أروقة أخرى، لم يحدث مثل ذلك التقدم، فهنالك ثلاثة أعضاء فقط من السود في مجلس الشيوخ، من أصل 100، ولا يوجد حكام سود على الإطلاق لأي من الولايات الـ50.
وفي تاريخ الكونغرس الممتد لـ232 عاما، شغل 11 أمريكيا أسود، فقط، عضوية مجلس الشيوخ.
وينسحب المشهد الصادم على حكام الولايات، إذ لم يحكم أمريكي من أصول أفريقية أي ولاية منذ تقاعد ديفال باتريك (ماساتشوسيتس) عام 2015.
وفي الواقع، لم يكن هناك سوى أربعة حكام في تاريخ الولايات المتحدة؛ أحدهم “بينكني بينشباك” الذي شغل منصب حاكم ولاية لويزيانا لمدة 35 يوما فقط في سبعينيات القرن التاسع عشر بعد محاكمة “هنري كلاي وارموث”.
واليوم، ينافس ثلاثة مرشحين سود، بينهم سيدتان تتسابقان على لقب أول “حاكمة سوداء”، في ميدان مزدحم لانتخاب حاكم ولاية “فرجينيا”، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
إيجابية في الإدارات رغم التذبذب
وعلى مدار عقود، كانت حصة السود في الإدارات الرئاسية منطقية جدا، وأحيانا تفوقت على تمثلهم في المجتمع، وظهر ذلك بحسب بيانات “بيو” خلال إدارتي بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، وولاية أوباما الثانية، وسيكون هذا هو الحال إذا تمت الموافقة على جميع مرشحي بايدن.
وفي المقابل، لم يكن هناك سوى وزير أسود واحد خلال إدارة ترامب، وكان الشيء نفسه صحيحا خلال ولاية أوباما الأولى، وهو ما يظهر أن المشهد الإيجابي قابل للتعرض لانتكاسات حادة.
وسجل أعلى مستوى لتمثيل السود في المناصب المرتبطة بالرئاسة خلال الولاية الأولى لبيل كلينتون (1992- 1996)، عندما كان أربعة من أصل 15 معينا من الوزراء ذوي أصول أفريقية.
ومنذ ذلك الحين، تذبذبت تلك الحصة، ولكنها في ظل الولاية الأولى لبوش والثانية لأوباما تجاوزت تمثيل السود من إجمالي السكان.
وإذا تم تأكيد قائمة مرشحي بايدن من قبل مجلس الشيوخ، فإن حكومته ستضم ثلاثة أعضاء من السود: هاريس نائبة للرئيس، ولويد أوستن أول وزير دفاع أسود، ومارسيا فودج وزيرة للإسكان والتنمية الحضرية.