إطلاق الدراسة في «المحظرة الشنقيطية الكبرى» بتمويل إماراتي

انطلقت اليوم الاثنين في مدينة أكجوجت، شمالي موريتانيا، الدراسة في «المحظرة الشنقيطية الكبرى»، في حفل حضره وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الداه ولد سيدي ولد أعمر طالب، وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة، التي مولت مشروع الجامعة الذي تصل كلفته إلى 6 مليارات أوقية قديمة.

وقال الوزير خلال حفل إطلاق الدراسة إن المحظرة الشنقيطية الكبرى ذات «دلالة رمزية» للمجتمع الموريتاني الذي «ظل ومازال يحتفظ في ذاكرته الجمعوية بتاريخ ورمزية المحظرة الشنقيطية، التي رفعت راية البلاد خفاقة في أرجاء المعمورة».

وأضاف الوزير أن تعهدات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تضمنت «الحرص على بناء مجتمع عصري يستمد قوته من القيم الإسلامية الأصيلة»، مشيرًا في السياق ذاته إلى أن الوزير الأول أمام البرلمان تعهد بأن «العمل الإسلامي سيحتل المكانة المحورية التي يستحقها في برنامج الحكومة».

وقال ولد أعمر طالب إن المحظرة الشنقيطية «تعتبر من أهم روافد القيم الإسلامية والأصالة الوطنية»، مؤكدًا أن ترسيخ الهوية الوطنية «يتطلب حتما عنايةً كبيرة بالمحظرة، واهتماما بالغًا بتطوير مناهجها التربوية».

وأوضح الوزير أن مشروع المحظرة الشنقيطية الكبرى «إضافة نوعية للتعليم العالي بالبلد، وأداة فعَّالة لتنفيذ سياسة الحكومة في مجال ترسيخ القيم الإسلامية والهوية الوطنية».

وتقدم الوزير بالشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على «الأداء والتقدير الأخوي الذي ظلت بلادنا موضعا له من قبلهم، والذي تُعتبر هذه المؤسسة أحدَ تجلياته الكثيرة، فلهم جزيل الشكر والامتنان»، على حد تعبير الوزير.

أما رئيس المحظرة الشنقيطية الكبرى تقي الله ولد الطالب جدو، فقد اعتبر أن «الحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى الوعي التام بما يتهدد كيان الأمة الإسلامية جمعاء، وخاصة في منطقة الساحل والصحراء من خطر مرتبط بظاهرة التطرف العنيف الذي ينسب زورا وبهتانا إلى الإسلام والإسلام منه براء».

واعتبر ولد الطالب جدو أنه «في هذا الإطار تتنزل رؤية المحظرة الشنقيطية لتحصين المجتمع بالنهج الإسلامي المعتدل الصحيح».

وقال رئيس المحظرة الكبرى الجديدة إنها أنشئت بموجب المرسوم رقم 2019-099، الصادر بتاريخ 22 مايو 2019، وحدد المرسوم ستة أهداف للجامعة الجديدة، أولها «المحافظة للمحظرة الموريتانية الأصيلة على ألقها الذي اشتهرت به وذلك بترسيخها في المنظومة الثقافية الوطنية وترقيتها».

كما تسعى المحظرة الكبرى إلى أن «تستلهم من رسالة المحظرة الموريتانية الأصيلة المنفتحة على العصر استلهامًا يمكنها من النهوض بمهمة تكوين العلماء وتأهيلهم، وخاصة في علوم الشريعة ووعائها الحاضن الذي هو اللغة العربية لغة القرآن ولغة أهل الجنة»، وفق تعبير رئيس جامعة المحظرة الشنقيطية.

وأضاف أن الهدف الثالث للمحظرة الكبرى هو أن تكون «وسيلة ناجعةً للمحافظة على الثوابت الدينية الوطنية السائدة منذ القدم في فضاء بلاد شنقيط وفضاء التكرور، وهي الثوابت المشتركة التي كانت ولا تزال رافد حضارتنا ومصدرَ فخرنا وضمان وحدتنا ومنبع قوتنا وملهمَ إبداعنا وعامل بقائنا واستمرارنا ومَعْقِدَ آمالنا في حالنا ومآلنا».

وأشار في السياق ذاته إلى أن المحظرة تسعى إلى أن تستعيد للعالم الموريتاني «صورته الناصعة التي اشتهر بها في الداخل والخارج والتي تتجسد في موسوعيتهِ واعتداله البعيد من الغلوِّ والتطرف بجميع أشكاله»، كما تسعى لأن تجعل من خرجيها «علماءَ فعلًا مؤهلين للإبداع والاندماج في الحياة النشطة ولأداء الدور المَنُوط بهمْ».

وقال رئيس المحظرة إن المؤسسة التي انطلقت فيها الدراسة اليوم «أريد لها أن تكون مؤسسة حضارية رائدة»، على غرار «المؤسسات المماثلة التي أصبحت معالمَ حضارية وعلمية بارزة مثل جامعة القرويين في المغرب والزيتونة في تونس والأزهر في مصر»، على حد تعبيره.

وشرح رئيس المحظرة الشنقيطية الكبرى شروط القبول للدراسة أو التدريس في الجامعة، إذ يشترط في الطالب أن يكون «حافظاً للقرآن الكريم، مجازاً فيه إجازةً مصدقةً من قبل الوزارة الوصية، وحاملًا لشهادة الباكالوريا، وأن ينجح في المسابقة المنظمة للدخول»، أما الأساتذة فيكتتبون من خلال مسابقة مفتوحة أمام ذوي الاختصاص في مختلف المواد العشرة المتضمنة في المنهج.

ويشمل منهج المحظرة «القرآن وعلومه، الحديث وعلومه، السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، العقيدة وعلم الكلام، أصول الفقه، القواعد الفقهية، الفقه المالكي، الفقه المقارن، النحو والصرف، الأدب والبلاغة.

وأوضح رئيس المحظرة أنه قد جرى اكتتاب عشرة أساتذة، فيما نجح في المسابقة مائة طالب.

وانطلقت الدراسة في مبنى مؤقت للمحظرة، في انتظار اكتمال تشييد و تجهيز المركب الجامعي، الذي يشيد بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتحمل موريتانيا تكاليف التسيير الإداري بينما تتكفل دولة الإمارات العربية الشقيقة ببناء وتجهيز المركب الجامعي وبالمصاريف المتعلقة بالأساتذة والطلاب (السكن والمعاش والنقل).

و تقدَّرُ تكاليف بناء وتجهيز هذا المركب الجامعي، 6 مليارات أوقية قديمة، طبقا للمخطط العمراني الذي وضعته المصالح المختصة.

زر الذهاب إلى الأعلى