ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ.. بقلم المفكر العربي/ علي محمد الشرفاء
1 – الإنسان عندما يتوفاه الله انتهت هويته كإنسان وتحول إلى جسد يذوب مع التراب على مر السنين.
2 – وأكثر الناس تصف الموت بخروج الروح وهذا خطأ جسيم وقد وصف الله سبحانه الموت حيث يقول ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر (٢٧- 30) مما يعني أن النفس هي التي تخرج وليست الروح كما يزعمون.
٣- الروح يصف لنا الله سبحانه معنى كلمة الروح بقوله مخاطبا رسوله عليه السلام (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء (٨٥) فإذن الروح من أمر الله لم تعرف بغير ذلك وهي الطاقة الروحانية المحركة للإنسان.
٤ – البرزخ قال سبحانه ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) المؤمنون ( ٩٩/١٠٠) وكأن تنتظر فيه النفس إلى يوم القيامة ومعنى ذلك كما يطلق عليه فى المطارات ( ترانزيت ) حتى يحين موعد الحساب ..تلك بعض التعريفات كما وردت فى القرآن الكريم.
5 – أما النفس فقد وردت فى القرآن الكريم عدة مرات كقوله سبحانه ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ) وقوله سبحانه (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ) وقوله سبحانه وتعالى ( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وقوله سبحانه ( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ) البقرة وقوله سبحانه ( ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) وقوله سبحانه ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا) وقوله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام ( قُلْ فَٱدْرَءُواْ عَنْ أَنفُسِكُمُ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ) وقوله سبحانه ( أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) ويوم الحساب يقول سبحانه ( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ).
عشرات الأيات تتحدث عن النفس التى ستحاسب يوم القيامة لأن الله سبحانه منحها حق الاختيار للطريق بقوله ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) إذن الله سبحانه برحمته أعطى نفس الإنسان خارطة الطريق فعرفها طريق الحق وطريق الباطل وستحاسب على اختيارها للطريق الذى اختارته وعشرات من الآيات فى القرآن الكريم تتحدث عن النفس المسئولة عن كل خير يفعله الإنسان وكل السيئات التى يرتكبها الإنسان ألم يحذر الله سبحانه بقوله ( ۞ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ولذلك فإن الميت تخرج منه النفس وتذهب إلى البرزخ انتظار إلى يوم يبعثون.
فالميت لا يحس بشيء لأن الموت أفقده الإحساس بالزمن وبالشعور وأن قراءة القرآن لا تجوز على الميت أو فى أماكن العزاء لأن الله سبحانه يخاطب رسوله بقوله ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ / لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ) فالقرآن موجه للأحياء وليس للأموات ليصلح أمورهم فى الحياة الدنيا ويجنبهم بأعمال الصالحات واتباعهم الآيات، وحذر من أهوال يوم الحساب ليستعد الأحياء والله يأمر المسلمين بقوله سبحانه (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) فهل يستطيع الميت الإنصات وهل سيسمع الآيات وماذا تفيده بعد انقضاء الأجل والله يؤكد فى قوله سبحانه ( وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ) ثم تعقب آية أخرى بقوله سبحانه ( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ () وقوله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام ( فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ) وقوله سبحانه ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ).. فنحن أمام تلك الحقائق الإلهية والواقعية كيف نغالط أنفسنا ويوجه الله البشرى الذين ماتوا وعملوا الصالحات فى حياتهم ويوجه النذير للأحياء ثم أماتهم فماذا ينفع النذير فى القبور.
أليس الأمر الإلهي قوله لرسوله ( لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) والمسلمون يصرون أن ينذروا الميت وهو فى قبره فلن تفيده قراءة القرآن بعد الممات فقد طويت صفحة الإنسان بعد مماته وسيحاسب على أعماله فى حياته ويعرف نتيجة عمله يوم الحساب كما قال سبحانه ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) ذلك يوم الحساب وكل يحمل كتابه يؤمر حينها بقول الله سبحانه(اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا).