المفكر العربي على محمد الشرفاء يكتب: آيات القرآن أم روايات الشيطان
التراث الديني تأليف بشري، والقرآن كلام الله ورسالته للناس، وهو الذي سيتم على أساسه الحساب في الدنيا ويوم القيامة تأكيدا لقوله سبحانه ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى\ قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا \قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) ((سورة طه ))، كما نبه الله رسوله عليه السلام بقوله (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ(44)((الزخرف: 43-44)).
ذلك كلام الله، الذي يرشد الناس لما ينفعهم، ويصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة، وهو وحده سبحانه الذي يقضي بأحكامه على الناس، إما أن يكونوا من أهل الجنة، بإتباعهم عبادة الله الواحد الأحد وإيمانهم برسوله وإتباع ما أنزل للرسول الكريم وما يبلغ الناس به من آيات قرآنه، ليبشر من اتبعه بالجنة، وينذر من أعرض عن كتاب الله، بأن جزاءه سيكون جهنم خالدا فيها لمن عصى الله ولم يتبع أوامره سبحانه في قوله للناس جميعا (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) الأعراف ((3)).. فهل بعد ذلك تصريح وتوضيح للناس بعدم إتباعهم لغير كتاب الله الذي جعله لهم هاديا ومرشدا في الحياة الدنيا كما وصفه الله سبحانه بقوله(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم أجرا كبيرا ) الإسراء ((9))؟.
فهل أيضاً من العدل أن يطارد ويحاكم من يدعو الناس إلى إتباع الرسول محمد عليه السلام وما يبلغه من كتاب الله الذي أنزل عليه هداية ورحمة وسلام للناس أجمعين في الحياة الدنيا ويحقق لهم الأجر العظيم يوم القيامة جنات النعيم ويترك الذين يتبعون كتب التراث التي تدعوا لقتل الناس وتشريدهم من أوطانهم والاعتداء على حقوقهم وممتلكاتهم، وتدمير المدن وهدم البيوت على ساكنيها، وتفجير أنفسهم في الأبرياء، ونشر الفتن وخطاب الكراهية، وإثارة الفزع والخوف في المجتمعات الآمنة بدعوى الخلافة وتطبيق شرع الله، الذي التبس عليهم بين إتباعهم لحكم الشيطان، وما توسوس لهم النفس الأمارة بالسوء، التي استحكمت فيها أقوال الروايات وما تنفثه من سموم كتب التراث التي أودت بهم لارتكاب الجرائم ضد حقوق الإنسان واستباحت حقه في الحياة، والتحريض المستمر من أهل التراث وأتباعهم على ارتكاب كل المحرمات التي حرمها الله على الناس، وهم بحمايتهم لكتب التراث والاعتقاد في مصداقيتها بدلا من كتاب الله يزرعون في عقول الشباب أفكارا شريرة تسعى للقتل والتدمير والكراهية فإنهم بذلك يحاربون الله ورسوله ويفسدون في الأرض.
أليس من العدل أن يحاكم أولئك المجرمين الذين يسعون للإفساد في الأرض وتشويه رسالة الإسلام الداعية للرحمة والعدل والحرية والإحسان والسلام والحث على التعاون بين كل البشر دون تمييز أو استعلاء على الناس أن يحاكموا تنفيذا لحكم الله سبحانه في قوله (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) المائدة ((33)).
فمن هم أولئك علماء التراث، وهل كلفهم الله بوحي من عنده أن يبلغوا الناس بكتب جديدة تتنزل عليهم من الله في عصور مختلفة، أم هم بشر ممن خلق اجتهدوا في عصرهم وغرر بهم والتبست عليهم المفاهيم وفهموا على قدر معرفتهم، وتفرقوا بمذاهبهم وأشاعوا الفتن والفتاوى الدموية الخاطئة عن دين الرحمة والسلام والعدل، وحولوه إلى تحريض لقتل الأبرياء وتفريق للمسلمين، نزاعا وقتالا، كلٌ متحيز لمذهبه، وكلٌ يتبع شيخَا بفتاويه الحاقدة، التي تتعارض مع شرع الله وأحكامه، تنفث سمومها في عقول البسطاء، وتخلق حالة من الكراهية ضد كل من لا يتبع مذهبهم وأفكارهم، ويحكمون عليهم بالقتل قصاصا على موقفهم المعارض والداعي إلى إتباع كتاب الله المبين.
لقد انقلبوا هؤلاء على التشريعات الإلهية التي تحث على العدل والرأفة والتعاون وتحريم العدوان وتحريم قتل الأبرياء، وأكل أموال الناس، تلك رسالة أصحاب التراث قسوة في القلوب، وإماتة للضمائر، وتحدِ للتشريعات الإلهية، وخلق تشريعات شيطانية تتعارض مع العدالة الإلهية، وما عاشه العرب المسلمون من قتل وتشريد واغتصاب حتى يومنا هذا، حين يذكرنا (بفرق الشيطان داعش/ والقاعدة / والإخوان) بالخوارج / والقرامطة، وكثير من الفرق الضالة، كما عطلوا مسيرة العرب في التقدم، وتنازعوا على زعامة المسلمين وحب السلطة، واستباحة كل المحرمات، لتحقيق أهواء النفوس الأمارة بالسوء لديهم، مما تسبب في نشر النفاق، واستشراء الفتن، وخلق الصراعات التنازع التي حذرهم الله منها في قوله سبحانه (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الأنفال ((46)) وطاعة الرسول تعني في كل ما يبلغه للناس من الآيات البينات والحكمة وتعريفهم بمقاصد الآيات لمنفعة الإنسان وصلاحه في الدنيا والآخرة.
أليسوا أتباع كتب التراث، هم الذين سفكوا دماء الأبرياء التى حرمها الله على الناس في الماضي والحاضر أليسوا أتباع كتب التراث من سولت لهم أنفسهم الشريرة بقتل مئات من المصلين في مسجد الروضة يوم الجمعة في محافظة سيناء وتلطخت دماءهم أيدي المجرمين ممن ألف كتب التراث ويؤمن بها ومن يحافظ على سمومها.
ألم يأمر الله سبحانه الناس، بأن يحافظوا على السلام والأمان للناس جميعا لتحقيق الاستقرار والطمأنينة لهم.. فماذا فعل أتباع التراث؟، هل اتبعوا أمر الله أم اتبعوا روايات الشيطان حين أحرقوا كل شيء، ودمروا المدن، واستباحوا الحرمات، واغتصبوا الفتيات وباعوهم في أسواق النخاسة؟، قليل من كثير الجرائم التي ارتكبها أصحاب التراث من علماء ومفتين وأتباع، فأضلوا الناس وشوهوا صورة الإسلام النقية الطاهرة الداعية للمحبة وللخير والداعية للسلام والتعاون بين الناس دون تمييز للدين أو اللغة أو اللون إتباعا لقول الله سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)((الحجرات-13)).
ففي الحياة الدنيا مساواة لجميع الناس، وعند الله هو وحده يزكي من عمل صالحا، وتمسك بكتابه وتشريعاته وآياته، أما الذين اتبعوا أصحاب التراث فقد ضل عنهم طريق الله، وغاب عنهم سبيل الرشاد، فيا ويلهم من يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فقد وصف الله أصحاب التراث بقوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) ((النساء-61)) وقول الله فيهم سبحانه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ”) ((المائدة: 104))، ثم يصف الله الكفرين ويحدد مواقفهم من كتاب الله بقوله (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا * أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا) ((الكهف: 100-101))، ثم يحذر الذين يتبعون أصحاب التراث قبل يوم الحساب، ليرجعوا إلى الله وكتابه، وليس تعنتهم في الإعراض عن هديه وإرشاده، فيأمر رسوله عليه السلام يحذرهم من مغبة استمرارهم في غيهم، والتمسك بكتب التراث، بدلا من كتاب الله ليبلغهم عليه السلام في قوله (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ صُنْعًا* أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) ((الكهف: 103-105))، ثم يبشر الله الذين امنوا وعملوا الصالحات بقوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا \ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) ((الكهف: 107-108)).
طريقان لا ثالث لهما، فليختار الإنسان أحد الطريقين: إما أن يختار طريق الحق وإتباع ما أنزله الله على رسوله في القرآن الكريم فيكون جزاؤه جنات النعيم، وإما أن يختار طريق التراث وفتاويه، ويعرض عن كتاب الله، فيكون يوم القيامة من الخاسرين ويلقى في جهنم (ملوما مدحورا) فلا يلو من الإنسان غيره، فالله حكم بين الناس بالعدل، في قوله سبحانه (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (النحل : 33)، والسلام على من اتبع هدى الله وأطاع رسوله عليه السلام، فيما أنزله الله عليهم من الآيات البينات التي بشرت الناس بنعيم الدنيا وجنات الآخرة وأنذرت من أعرض عن كتاب الله بشقاء وبؤس في الدنيا والخزي يوم القيامة ويلقى في جهنم وبئس المصير.