شركة كندية تبيع منجم تيجيريت للذهب
أعلنت شركة التعدين الكندية Aya Gold & Silver الاستحواذ على رخصة استغلال منجم تيجيريت للذهب فى موريتانيا وذلك بعد شراءها للشركة الكندية Algold Resources التي بحوزتها رخصة لاستغلال المنجم لمدة 30 سنة. و تملك “آلغولد” نسبة 75% من منجم تيجيريت والنسبة المتبقية تعود لمساهمين آخرين من بينهم الشريك الموريتاني ابراهيم ولد غده رئيس شركة وفاء مينينع (إحدى شركات مجموعة “وفاء القابضة”).
عملية استحواذ Aya Gold على تيجيريت تمت فى 22 فبراير 2021 واكتملت إجراءات انتقال ملكية رخصة استغلال منجم تيجيريت الى “آيا غولد” نهاية شهر ابريل 2021. وتعمل شركة التعدين Aya Gold بشكل أساسي في المغرب وتملك الحكومة المغربية نسبة 15% من أسهمها.
المالك الأصلي لرخصة تيجيريت، Algold ، شركة مسجلة فى كندا ولديها صفحة على الفيسبوك تم إنشاؤها يوم 26 يونيو 2016 (بعد حصولها على ترخيص التنقيب في تيجيريت) ويظهر من منشورات الصفحة أن أنشطتها تقتصر على رخصة تيجيريت. وآخر منشور على صفحتها يعود لتاريخ 5 يوليو 2018 ويتعلق بتقرير جول التقييم الاقتصادي الأولي لمنجم تيجيريت.
والمثير للانتباه في عملية البيع أن الشركتين آلغولد وآيا غولد يرأس مجلس إدارتيهما نفس الشخص وهو خبير محاسبي يملك مكتبا للمحاسبة فى مونتريال ويدعى “بنوا لاصال”.
وقد اتصلت أقلام بالسيد الحسن احمدان، خبير محاسبي ومالي بكندا، لطلب رأيه الفني فقال “ان عملية البيع من الناحية النظرية مقبولة إلا أنها كانت فرصة للوزارة الوصية لكي تعالج الاختلالات ان كانت موجودة وتأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي بيعها بطريقة لا تضمن حقوق ومصالح الدولة الموريتانية، كما حصل مع تازيازت”.
وكان قطاع المعادن قد عرف خلال العشرية المنصرمة رواجا لممارسات ستغلال النفوذ والمحاباة في منح رخص التنقيب والاستغلال للثروات المنجمية.
على خطى تازيازت
بداية دخول Algold الى موريتانيا كان فى 2015 حيث دخلت فى مفاوضات مع مجموعة “وفاء التجارية” فى ذلك العام “بهدف إقامة شراكة شاملة بينهما” حسب الموقع الإلكتروني لمجموعة وفا القابضة. المملوكة لأبناء غده.
فى مطلع 2016 منحت الحكومة الموريتانية لشركة آلغولد رخصة للتنقيب عن الذهب فى منطقة تيجيريت تغطي مساحة 766 كيلومتر مربع وعلى مسافة 25 كيلومتر من منجم تازيازت الذي تستغله حاليا شركة كينروس.
فى 27 ابريل 2016 قامت آلغولد بإنشاء شركة تدعى Tirex (شركة تيجيريت للاستكشاف والتنقيب) وهي مسجلة في موريتانيا تحت السجل التجاري رقم 91408/GU/12417 وتملك مشروع تيجيريت بنسبة 100%
قامت آلغولد بإجراء عمليات تنقيب وحفر فى تيجيريت أعطت مؤشرات قوية على وجود احتياطات من الذهب فى حدود 602.130 أونصة. كما أشارت الدراسة الأولية للجدوائية إلى أن منجم تيجيريت سيوفر أرباحا بقيمة 717 مليون دولار باحتساب سعر 1200 دولار للأونصة بينما ارتفع سعر الذهب بعد الدراسة الى 1800 دولار للأونصة.
بعد أقل من 18 شهرا على منحها رخصة التنقيب وافقت وزارة النفط يوم 12 يونيو 2017 على منح Algold الترخيص لاستخراج الذهب من منجم تيجيريت لمدة 30 سنة.
وبعد شهر بالتمام والكمال وتحديدا فى يوم 12 يوليو 2017 وقعت مجموعة (وفاء) مع Algold على ملحق ثان لاتفاقية التمويل والاستحواذ على الأسهم. وتضمن الاتفاق اقتناء “وفاء” لحصة 10% من رأسمال شركة Algold مقابل مبلغ 4.2 مليون دولار كندي تم تسديده على أربعة دفعات متساوية. كما نص الاتفاق على منح الشريك الموريتاني مقعدا في مجلس إدارة Algold. وقد رشحت مجموعة “وفا” عثمان كن (وزير الاقتصاد الحالي) ممثلا لها فى مجلس إدارة آلغولد، وهو ما وافقت عليه الأخيرة فى 9 أكتوبر 2018.
بعد شهر وفى 10 أغسطس 2017 صادق مجلس الوزراء على منح الترخيص رقم 2480C2 لاستغلال منجم تيجيريت لشركة آلغولد، لمدة 30 عاما.
يبقى من غير المعروف ما هو مصير أسهم الشربك تلموريتاني وفا مينينغ فى شركة آلغولد بعد شراءها بالكامل من طرف آيا غولد. وهل لا تزال وفا مساهما في مشروع استغلال منجم تيجيريت؟
أين وزارة النفط؟
استغرب وزير النفط والمعادن، عبد السلام ولد محمد صالح، وهو محق فى ذلك، قبل أيام، خسارة الدولة الموريتانية من صفقة بيع منجم تازيازت من طرف شركة ريد باك الكندية لشركة كينروس بمبلغ 7 مليارات دولار دون أن تستفيد الدولة من الصفقة وهو ما نجم عنه الإضرار بمصالح موريتانيا وتوقيع اتفاقات مجحفة في حقها.
صحيح أن جميع مراحل منح منجم تيجيريت لشركة آلغولد وما طبع ذلك المسار من شبهات مريبة تدعمها قرائن على استغلال النفوذ تمت في فترة حكم ولد عبد العزيز. فهل كانت وزارة النفط اليوم حاضرة وشريكا في عملية التفاوض والتنازل عن منجم تيجيريت والذي تم قبل أشهر فقط، وهل ضمنت موريتانيا حقوقها في مبايعة ثروتها المعدنية. وما هي المزايا الضريبية والمالية التي حصلت عليها من الصفقة
وتنص مدونة المعادن الموريتانية رقم 014.2012 بتاريخ 7 ابريل 2009 في المادة 43 (جديدة) على أنه فى حال قيام مالك رخصة الاستغلال ببيعها أو التنازل عنها فانه يتم احتساب الفرق بين سعر البيع وقيمة ما تم انجازه من أشغال فى موقع الرخصة وعندما يزيد سعر البيع علي تكاليف الاستثمارات المنجزة داخل محيط الرخصة موضع التنازل، يكون من حق الدولة الحصول على قيمة 10% من ذلك المبلغ كحد أقصى.
يتم تحديد المبلغ وفقا لمخطط المحاسبة الموريتانية وكذا أحكام المدونة العامة للضرائب وعلى أساس الكشوف المالية التي يجب أن يقدمها صاحب رخصة الاستغلال.
نشير الى أن قضية الضرائب على نقل ملكية تراخيص الاستغلال كانت من أسباب الخلاف بين موريتانيا وشركة وودسايد النفطية فى 2005 حيث تضمنت الملحقات موضوع الخلاف إعفاءها من رسوم نقل الملكية. وقد باعت فيما بعد وودسايد حقل شنقيط النفطي لشركة بتروناس الماليزية فى 2007.
وقد سعينا الى الاتصال بالوزارة وكذلك بمجموعة وفا لمعرفة رأي كل منهما في الموضوع لكن لم ننجح في التواصل معهم ويظل المجال مفتوحا أمامهم ومرحب بآراءهم حول القضية.
أقلام حرة