أهمية المنظمات الدولية في صياغة و تطوير قواعد الحماية الدولية للصحفيين
الموريتاني : إن مهمة البحث في مسألة حماية الصحفيين زمن النزاعات المسلحة؛ لا تتوقف فقط عند فهم مشروعية العمل الصحفي في تلك المناطق في قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، و لا حتى عند فهم قواعد الحماية التي تضمنتها أحكام القانون الدولي الإنساني، بل لا بد من التعمق أكثر لإيجاد آليات فاعلة تسهر على التجسيد الفعلي للحماية، و يتعلق الأمر بالمنظمات الدولية الإعلامية، التي تعكس مدى أهمية المنظمات الدولية غير الحكومية المهنية التي أصبح لها وزنها في الاضطلاع بمهام قد تعجز الكيانات الحكومية الأخرى عن آدائها.
من هنا فإن هذه الدراسة ارتكزت فضلا عن الإلمام بالجانب النظري والقانوني للمهنة الصحفية زمن النزاعات المسلحة ومخاطرها وقواعد الحماية المقررة؛ على منظمات دولية إعلامية باعتبارها ذات طابع غير حكومي معترف بشرعيتها في المواثيق الدولية، ومن ثم الوقوف على أدوارها التي تقدمها حماية وتعزيزا لحماية الصحفيين بل وحتى لمؤسساتهم الإعلامية، و لعل أبرز النماذج المقدمة في هذا المجال هي:
منظمة الشارة الدولية لحماية الصحفيين كأحدث منظمة دولية إعلامية، حيث تأسست عام 2004 من قبل مجموعة من الصحفيين من مختلف أنحاء العالم، واتخذت جنيف مقراً لها، وهي منظمة مستقلة غير ربحية، ذات سمة استشارية في الأمم المتحدة، وتهدف إلى تعزيز الحماية القانونية، وسلامة الصحفيين في مناطق النزاعات والإضرابات.
ومنظمة مراسلون بلا حدود، والاتحاد الدولي للصحفيين كأكبر وأقدم منظمة إعلامية لها الفضل في تأسيس المعهد الدولي لسلامة الأخبار.
و تبدأ أهمية هذه المنظمات من مساهمتها في صياغة و تطوير قواعد الحماية الدولية للصحفيين، مرورا بالأنشطة الميدانية من خلال حرصها على قضية تدريب الصحفيين على مخاطر المهنة في مناطق النزاعات المسلحة، ثم تعريفهم بقواعد الحماية المقررة لهم، و من دون إغفال بطاقة الصحافة الدولية التي يشرف الإتحاد الدولي للصحفيين على منحها؛ فإن الأهمية البالغة لهذه المنظمات تظهر في كونها أداة رقابة على مدى تطبيق قواعد الحماية الدولية، و هوما جعلها تلعب دورا في التوثيق و التحقيق و التبليغ، و من ثم المشاركة المباشرة في الضغط على الأطراف المسؤولة، و على أجهزة هيئة الأمم المتحدة على رأسها مجلس الأمن الدولي، لإحالة الجرائم المرتكبة ضد هؤلاء أمام المحكمة الدولية الجنائية لوضع حد للإفلات من العقاب