موريتانيا في الذكرى الحادية والستين للعيد الوطني (بلد آمن جذاب واقتصاد واعد)
الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ذلك البلد الواقع في شمال غرب القارة الإفريقية ومن أرضها تأسست وانطلقت دولة المرابطين في القرن الحادي عشر ميلادي، وعرف عبر التاريخ الحديث تحت أسماء عدة منها “بلاد شنقيط” “بلاد المور” ولعل التسمية الأخيرة هي اشتقاق الاسم الحالي “موريتانيا” والذي اعتمدته الدولة الحديثة التي نالت استقلالها رسميا في 28 من نوفمبر 1960.
وتعتبر الجمهورية الإسلامية الموريتانية في تركيبتها الاجتماعية – الثقافية والبشرية، من الحالات النموذجية في عالمنا اليوم، للتعايش السلمي بين ثقافات متنوعة وأعراق متعددة متصالحة ومتسامحة فيما بينها، إدراكا من أبناء الوطن الواحد لمتطلبات الوحدة السياسية والعيش المشترك؛ وظل هذا النهج حاضرا في الممارسة للدولة والنخب السياسية والاجتماعية. وحرصا من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ومنذ توليه مقاليد السلطة إثر انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، على ممارسة سلطاته الرئاسية في جو من الانسجام والسكينة العامة؛ فتح أبواب مكتبه للفاعلين السياسين والاجتماعيين بهدف تحقيق إجماع وطني حول القضايا الجوهرية، وتكريسا لنهج الإجماع الوطني، بدأت قبل فترة وجيزة لقاءات تمهيدية لمشاورات جامعة وشاملة ستتناول كافة القضايا الوطنية دون استثناء.
تعتمد الدولة النظام الديمقراطي التعددي، ينتخب فيه رئيس الجمهورية وممثلو الشعب في الجمعية الوطنية والمجالس البلدية والجهوية بالاقتراع العام المباشر؛ وتحتل المرأة مكانة خاصة في كافة مراكز اتخاذ القرار، حيث يضمن لها القانون نسبة إلزامية في الترشيحات فضلا عن لائحة خاصة بالنساء، فالمرأة الموريتانية حاضرة وبقوة إلى جانب الرجل في كل الدوائر دون تمييز.
فموريتانيا كغيرها من دول العالم تتأثر بما يجري حولها من أحداث وتطورات؛ وإن كانت ظاهرة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود من أهم التحديات التي عرفها عالمنا اليوم فقد اتخذ البلد مبكرا الإجراءات الكفيلة بالتصدي لهذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا وقيمنا فوضع استراتيجية وطنية ذات أبعاد متعددة في جوانبها الأمنية – العسكرية، الاقتصادية – الاجتماعية فضلا عن مقاربة تعتمد محاورة المغرر بهم من الشباب ودمجهم في الحياة النشطة. وبفضل هذه الاستراتيجية تنعم موريتانيا اليوم بالأمن والاستقرار.
تنفرد موريتانيا بموقع جيو – استراتيجي مميز، حيث تشكل نقطة التقاء وجسر عبور بين إفريقيا شمال وجنوب الصحراء الكبرى، ومحطة على الخطوط البحرية بين الشرق الأوسط وغرب إفريقيا، كما أنها بوابة طبيعية لإفريقيا نحو أروبا وحتى القارة الأمريكية التي لا يفصلها عن شواطئها سوى المحيط الأطلسي. وقناعة من الحكومة الموريتانية بقدرة البلد على خلق نهضة اقتصادية شاملة تأخذ بعين الاعتبار المقومات المتاحة من موقع استراتيجي ووفرة في الموارد الطبيعية وتنوعها، بدأت الجهات المسؤولة بالعمل ببرنامج أولوياتي الموسع، كرؤية إستراتيجية لتنمية تأخذ بعين الاعتبار التحديات المتعلقة بتنويع الاقتصاد وبتثمين الموارد والتسيير المستدام للثروات وتعزيز النمو وخلق مزيد من فرص العمل؛ كما تضع مكانة خاصة للقطاع الخاص الذي ينظر إليه كمحرك للتنمية وعامل فعال في خلق الثروة وتوفير مراكز الشغل، وتمت مراجعة قانون الاستثمار وأدخلت تعديلات على القانون المنشئ للمنطقة الحرة في العاصمة الاقتصادية نواذيبو بغرض تحفيز فرص الاستثمار، وتمت كذلك مراجعة القانون التجاري من أجل توفير المزيد من الضمانات للمستثمرين الخصوصيين.
وتجسيدا لهذه المراجعات، تتطلع موريتانيا إلى جلب المزيد من الإستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل:
– الطاقة التي يتوقع أن تشهد في المستقبل القريب نقلة نوعية على ضوء اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز والعمل على تطوير واستغلال حقل “بندا” للغاز الطبيعي في أفق 2023 والتوجه لإنتاج الهيدروجين الأخضر مصدرًا بديلاً ومستدامًا للطاقة النظيفة؛
– المعادن وتشمل الثروة المعدنية التي تزخر بها الأراضي الموريتانية (الحديد، الذهب، النحاس، الفوسفات، الجبس، الرمل، الملح، الكوارتز، الماس، الكروم، المنغنيز، الرصاص، ومجموعة عناصر البلاتين، التربة النادرة، التربة السوداء)؛
– الصيد البحري، تتميز الشواطئ الموريتانية بكونها من أغنى شواطئ العالم حيث تقدر الكميات الممكن اصطيادها دون الإخلال بالتوازنات البيولوجية للمخزون بـ1.8 مليون طن سنويا؛
– الزراعة، تقدر الأراضي الصالحة للزراعة في موريتانيا بأكثر من 500 ألف هكتار منها 140 ألف من الأراضي القابلة للري على الجانب الموريتاني من نهر السنغال؛
– الثروة الحيوانية، تقدر الثروة الحيوانية في البلاد بأكثر من 29,5مليون رأس؛
– السياحة، يمتلك البلد مؤهلات سياحية هائلة توفر فرص استثمار واعدة مثل المدن الأثرية المصنفة ضمن التراث البشري من طرف منظمة اليونسكو ( شنقيط ، وادان ، تشيت ، ولاتة) والتي تشهد مهرجانات سنوية أضحت محجاً لعدد كبير من السياح، وواحات النخيل في ولايات “آدرار” و “تكانت” و “لعصابة”، علاوة على الساحل الأطلسي النقي والنظيف، ومناخه اللطيف، ومناظره الخلابة ومحمياته الطبيعية (الرأس الأبيض، حوض آرغين ودياولينغ)، وتضم حظيرة حوض “آرغين” أرخبيلا من الجزر على ساحل المحيط الأطلسي.
عملا على تعزيز الروابط الأخوية القائمة بين موريتانيا وأندونيسيا وضمن رؤية استشرافية، بادرت موريتانيا في سنة 2019 بافتتاح سفارة في جاكرتا لتوثيق علاقات التعاون الثنائي بين بلدين شقيقين تجمعهما خصائص وقيم مشتركة، ينشطان في منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الدولية الأخرى.
السفير / الحسين سيدي عبد الله الديه – جاكرتا