نواكشوط: إقالة مديرة بارزة بالمكتب الوطني للسياحة .. نزولا عند رغبة فتيات
الموريتاني : إن استغلال النفوذ وإن كان استعمال الشخص للوظيفة لتحقيق مصالح خاصة، قد تكون خارج حدود دائرته صلاحياته، فإن أسوء استخدام للسلطة هو تصرف الموظف بما يسيئ للغير بموجب صلاحيات وظيفته .
ويُعرف القانون إساءة استخدام السلطة، بقيام من يتولى إدارة أو تسيير مؤسسة أو مرفق، أو عُهد إليه به، بالاستفادة، أو الانتفاع من عمله، أو ولايته، لمصلحته الشخصية، أو لمصلحة قريب أو صديق، أو استعمال عواطفه وقوته الممنوحة له بقصد (( الانتقام والتشفي والكراهية)).
ولعل ظاهرة استغلال السلطة تبقى من أبرز المعوقات في تسيير الإدارة والمرافق العمومية الموريتانية، فإن اتساع الممارسات يفتح الباب واسعا أمام تكريس الفساد واستغلال القبلية والجهوية في علاقات العمل والوظيفة.
ومن أسوء الممارسات التي حدثت في الإدارة الموريتانية مؤخرا والتي ترقى إلى الفضيحة، هو إقدام مدير المكتب الوطني للسياحة على إقالة السيدة توتو منت الداه من منصبها كمديرة بالمكتب وتعيينها مستشارة نزولا عند رغبة فتيات، أو بسبب انتماءها الشرائحي.
وقد تمت فصول القضية بين صمت جدران الإدارة الموريتانية، في ظل عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وهو العهد الذي تتطلع فيه الشرائح الموريتانية إلى المساواة، وتطمح فيه إلى القضاء على الفوارق الاجتماعية بين أبناء الوطن وترسيخ دولة القانون .
وتدور القضية الغريبة حول إقدام مدير المكتب الوطني للسياحة في موريتانيا على استغلال صلاحياته لإقالة موظفة من إدارة تابعة له، نزولا عند رغبة فتيات، بدى أن لهم تأثيرا مباشرا على قراره.
وحسب المعومات المتوفرة فإن المديرة المقالة، والتي تنتمي إلى شريحة وطنية معينة، هي إطارة تملك مؤهلات قد تتجاوز مؤهلات المدير نفسه، وضمن ابرز صفوة الموظفين الاكفاء بالمكتب منذ أكثر من عشرون سنة، حيث كانت تتولى إدارة تابعة للمكتب.
وحسب معلومات حصل عليها موقع “الموريتاني” فإن بوادر فصول الفضيحة بدأت عندما استجلب مدير المكتب الوطني للسياحة مؤخرا في 2012 “فتاتين” للعمل في المكتب ، وتم تكليفهم بعمل يندرج تحت إشراف الموظفة والمديرة المعنية، حيث رفضن لأول وهلة، وبكل تعنت وازدراء الاستجابة لاستفسارات المديرة حول العمل، بل ذهب الأمر بهن إلى الإساءة والتلميح للمديرة بانتمائها الشرائحي، رغم فارغ السن بينهما، إلى أن مستوى المسؤولية ودثامة الخلق الذي تتحلى به المديرة، وعدم إيمانها بالرواسب الاجتماعية، كل ذلك كان سعة صدر مكنت المديرة المعنية من الحفاظ على علاقات العمل، رغم مع محاولة الفتاتين تحويل العمل إلى خلاف وخصومة بينهم وإياها.
وقد حاولت المديرة وفي إطار العمل توجيه الفتيات العاملات بضرورة إنهاء العمل الذي كلفهم به المدير، ما أثار غضب الفتيات، قبل أن يتوعدن المديرة بإقالة عاجلة، وذلك ما حصل من مدير المكتب الوطني للسياحة بكل عاطفية، حيث أقال المديرة وابقى عليها مستشارة، كل ذلك في ما يبدو نزولا عند رغبة ريحانية الفتيات.
ورغم أن المدير لم يحضر إلى مكتبه منذ عودته من مهرجان “مدائن التراث” في ودان، إلا أن الفتيات اتصلن به في المنزل، حيث تم توقيع إقالة المديرة في المنزل من طرف مدير المكتب الوطني للسياحة، دون أن يكلف نفسه اشعار المديرة بقرار إقالتها التي تفاجأت بخبرها عبر مجموعات الواتساب.
ويرى بعض المراقبين للشأن العام أن قرار الإقالة وإن كان من صلاحية المدير، لا يبدو قرارا تعسفيا فحسب، بقدر ما هو كراهية، وتنكيسا للتراتبية الوظيفية، وتكريسا للكراهية والشرائحية.
وكان رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى قد أعلن قائلا، “إن الأوان قد آن لنطهر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع وأن نتخلص نهائيا من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة و القانون والمواطنة”.
ودعا خلال كلمة وجهها بمهرجان وادان ” كافة المواطنين الى تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي وإلى تطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة”.
ومهما يكن من أمر تعليمات رئيس الجمهورية، إن كان قد تم فهمها على نطاق واسع، فإنها تحتاج إلى من يحولها إلى واقع ملموس لما يخدم المصلحة العامة والتي من اكثرها إلحاحا إنصاف هذه المديرة من القرار العاطفي الذي اتخذه مدير المكتب الوطني دون سابق إنذار.