قضية الرئيس السابق “عزيز” تعود للواجهة.. في حرب تصريحات بين المحامين
عادت قضية الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز للواجهة من جديد عبر حرب تصريحات ساخنة بين دفاعه ورئيس فريق المحامين عن الدولة، وذلك بعد الهدوء الذي تلا نقله قبل ثلاثة أسابيع من السجن بمقر مدرسة الشرطة، إلى الإقامة الجبرية المشددة في منزله.
وفي أول تصريح له منذ عدة أشهر، أعلن المحامي إبراهيم ولد أبتي، نقيب الحامين الموريتانيين ورئيس فريق المحامين المدافعين عن الدولة «أن محامي الرئيس السابق ملأوا الفضاء بالتصريحات والبيانات، وحان للدولة الموريتانية الطرف المتضرر في قضية الرئيس السابق، أن تقول كلمتها، فلديها ما تقوله» مضيفاً «أن قلة الخرجات الإعلامية لفريق الدفاع عن الدولة له أسباب، أولها اقتناع الفريق بأن ملفاً معروضاً على القضاء ينبغي أن يكون الكلام فيه أمام المحاكم، والثاني أن القانون يلزم المحامين بالتحفظ في القضايا الجزائية والجنائية، فلا يمكننا نشر ما نحصل عليه من معلومات حولها، فالقانون يفرض سرية التحقيق».
وقال: «هذه القضية تتعلق برئيس سابق معه وزراء ومديرون سابقون متهمون باتهامات في منتهى الخطورة: فلأول مرة يوجه مثل هذا الاتهام لرئيس في منطقة غرب إفريقيا ومنطقة العالم العربي، ولأول مرة يصبح رئيس دولة باتهامات من قبيل استغلال النفوذ والثراء الفاحش غير المبرر وتبييض الأموال وتعاطي الرشوة بجميع أشكالها».
وأضاف: «على المتهم أن يثبت شرعية مصادر أمواله، فالرئيس السابق ممنوع عليه دستورياً تعاطي التجارة، وممنوع عليه تسلّم الأموال المشبوهة، وسبق له أن صرح بنفسه بأنه ثري بعد أن صرح قبل ذلك بفترة بأنه لا يملك سوى آلة حفر، كما صرح بأنه لم يصرف أي شيء من مرتبه الشهري؛ كل هذا يدفع القضاء للتحقيق في أمواله، وعليه أن يثبت بالأدلة نظافة ما يملكه طبقاً لقانون مكافحة الفساد الاصدر عام 2016».
وعن الأحاديث التي يهدد بها البعض بخصوص نقل قضية الرئيس السابق للمحاكم الدولية، قال المحامي ولد أبتي: «ليست هناك نتيجة في تدويل هذا الملف، لأن تسويق هذا النوع من القضايا غير رائج على المستوى العالمي، ولن يستمع له أي أحد».
وأضاف: «ما دامت التهم تتعلق باستغلال النفوذ والثراء الفاحش غير المبرر وتبييض الأموال وتعاطي الرشوة بجميع أشكالها، فالأفضل للمتهم أن يستر نفسه، لأنه إذا عرض قضيته على الهيئات الحقوقية الدولية فإن هذه الهيئات ستبلغ الدولة الموريتانية بذلك، ليكون لزاماً على الدولة أن تعرض ما لديها من معلومات، وهو ما سيجعل الهيئات الدولية تطلع أكثر على الملف، ولن يخدم ذلك المتهم إطلاقاً» حسب قوله.
وعن وضعية ملف الرئيس السابق الحالية، أوضح المحامي ولد ابتي «أن الملف يتعلق بتهم موجهة لمجموعة من الأشخاص، وقد أخضع جميع المشمولين به للمراقبة القضائية، وجميعهم امتثلوا لإجراءات المراقبة القضائية باستثناء متهم واحد هو الرئيس السابق».
وقال: «المراقبة القضائية هي مجموعة من الشروط التي يحددها القاضي في قرار الإقامة الجبرية؛ فمن التزم بها فلا مشكلة لديه، ومن لم يلتزم فسيكون عرضة للسجن طبقاً لقرار سمح القانون لقاضي التحقيق باتخاذه».
وتابع: «الملف يسير سيراً عادياً: فقد استمع المحققون لجميع المتهمين وقوبل بعض المتمين ببعض، واستمعوا كذلك لكثير من الشهود، لكن القانون يمنعنا نحن المحامين، من الكشف عما ورد ويرد في محاضر التحقيق، ولا يمكننا الحديث عنه بشطر كلمة إلا في قاعة المحاكمة».
وزاد: «التحقيقات تشمل كذلك جانباً بالغ الأهمية، هو البحث عن الأموال المهربة، وعن الأموال المخفية داخل موريتانيا وفي دول أخرى، كل هذا يتواصل القيام به ضمن الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي تلزم كل دولة موقعة عليها ومشكوك بوجود أموال مهربة إليها من طرف المشمولين، بالتعاون مع موريتانيا في توضيح مبالغ وجد المحققون أدلة حول وجودها هنا أو هناك».
وقال «إن سمعة الدولة الموريتانية تضررت باستغلال اسمها من طرف هذا المتهم أو ذاك للحصول على أموال أو لجني فوائد، وهذا ضرر بالغ الخطورة يجب أن تعوض الدولة الموريتانية عنه».
ولم يكد محامي الدولة ينهي تصريحاته المفصلة عن الملف حتى عقد محامو الرئيس السابق نقطة صحافية، أكد خلالها «أن منزل الرئيس السابق تحول إلى سجن جماعي، وأن ظروف سجنه السابق بمدرسة الشرطة أفضل بكثير من ظروفه الحالية».
وأكدت هيئة دفاع الرئيس السابق «أنه كان لديهم سجين واحد هو الرئيس السابق، وأصبح لديهم أسرة كاملة مسجونة، حيث تحول منزل ولد عبد العزيز، إلى سجن له ولجميع أفراد أسرته».
وأكد جعفر ولد أبيه، عضوٍ هيئة الدفاع «أن منزل ولد عبد العزير محاط الآن بسيارات تابعة لجهات أمنية تمنع وصول أقرب المقربين للرئيس السابق قبل التدقيق في بطاقته التعريفية، وقد يمنع بعضهم من الدخول كخالاته وبعض أقاربه المقربين».
ووصف ولد أبيه وضعية الرئيس السابق بـ «المنافية لما أوصى به التقرير الطبي له».
وأوضح ولد أبيه «أنه لا وجود لمصطلح الرقابة القضائية المشددة في القانون، بل توجد الرقابة القضائية فقط».
ومن ناحية أخرى، أكد المحامي اباه ولد امبارك، عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز «أن قطب التحقيق منع أعضاء الهيئة من الوصول إلى آلاف الصفحات من وثائق الملف القضائي لموكلهم».
وأضاف ولد امبارك «أن قراراًيسمح لدفاع الرئيس السابق باستلام ملف القضائي قد صدر بالفعل، لكنه نفذ بطريقة جزئية لا تسمح للمحامين بالاطلاع على بقية الملف».
وأكد ولد امبارك أن محاضر الأشخاص الذين لم يتابعوا فيما يسمى بـ «ملف العشرية» مهمة لهيئة دفاع الرئيس السابق؛ «لأنه قد يكون فيها ما يبرئ موكلنا، وبالتالي لا يمكن منعنا من الوصول إلى المعلومات في ملف بهذا الحجم».
وغادر ولد عبد العزيز السلطة منتصف عام 2019، قبل أن تعاجله لجنة تحقيق برلمانية بتحقيق حول فترة حكمه أثار شبهات كثيرة، وقدم أدلة حول تورطه في عمليات فساد.
وأحيل التقرير للنيابة العامة في آذار/مارس الماضي، ووجهت للرئيس السابق بموجبه وبعد بحث ابتدائي تهماً بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع.
وأصدر قاضي التحقيق في قطب مكافحة الفساد، أواخر حزيران/يونيو الماضي، قراراً بسجن الرئيس السابق على خلفية رفضه التوقيع لدى مركز الشرطة مرتين، واعتبر القاضي أن الرئيس خرق شروط المراقبة القضائية المشددة التي يخضع لها في التحقيق الجاري بتهم فساد وغسيل أموال.
القدس العربي