تشرد الأطفال..وعجز سياسة التكفل
تعرف بلانا كغيرها من البلدان المجاورة ظاهرة تشرد الأطفال التي تنتشر انتشار النار في الهشيم.. فبين عشية وضحاها برزت الظاهرة التي كانت والى عهد قريب غريبة علينا.. بل كان يعد معرة ووصمة عار من يترك أطفاله عرضة للشارع.
ولكن بفعل عوامل عدة صار وجود الأطفال في الشارع يمارسون مختلف المهن عادة طبيعية وإن كانت هذه المهن تعرض الأطفال للانحراف، والاحتكاك بالمحترفين في شتى أنواع الجرائم يمارسون ضدهم أشكال الهيمنة والضغط ، والاستغلال في أغراضهم الإجرامية.
وبين مناسبة وأخرى تظهر الحكومة في مسوح الإنسانية تدين ما يعاناة الأطفال وتعد بإنشاء برنامج تساعد في ترقية مواهبهم،واحتضانهم من الشارع الذي فرضته عليهم سياسة الغبن والفساد المستشري في مفاصل الدولة.
فتشرد الأطفال لم يلد من فراغ، وإنما ولد من رحم المعانات والمشاكل التي يعيشها المجتمع، من جراء السياسيات المتعاقبة لأنظمة خلقت انشطارا كبيرا ساهمت توسيع فجوة بين فقر مدقع، وغنى إلى حد التخمة.
فحرمت الطبقة الفقيرة من نعيم لقمة العيش، وتربية الأطفال على غرار غيرهم من الذين نعموا بملذات الحياة،وتربية أبنائهم في مؤسسات التعليم الغالية.
وبفضل هذا التباعد في المستوى المعيشي قدر للفقراء في الأحياء الشعبية المتناثرة في كل ركن من أركان العاصمة الواسعة، وغيرها من المدن في الولايات الداخلية والأرياف أن يعيشوا على المستوى المتدني الذي يفرضهم على اختراق القوانين التي تحرم عمالة الأطفال، وتعاقب عليه..لأن الظروف المعيشية، والمقاومة من أجل الحياة تفرض عليهم ليس استغلال أبنائهم فقط… بل الوقوف إلى جانبهم ضد القانون بالتستر عليهم والتغطية على أعمالهم المنحرفة :تجارة المخدرات والسرقة والسطو.
من يتابع اليوم القضايا التي تعرض على القضاء في مجال المخدرات والسرقة والسطو، وحتى القتل يجد أكثر المشمول فيها أطفالا لم يبلغوا سن الحلم..ويجد أن ذووا المتهمين يقفون إلى جانبهم رغم الاعتراف البين الذي يؤكد أنهم وراء الأعمال المنسوبة إليهم، والأدلة المادية المضبوطة لديهم،وهذا ناتج عن عجزهم عن توفير منسوب متوسط من العيش..فخرجوا عن طوقهم غير عابئين بالعقوبة التي ستنجر ذلك ليوفروا لأنفسهم ما عجز آبائهم عن توفيره.
غياب وجود الدولة في تغيير الصورة القاتمة التي يعيشها المواطن الفقير في الأحياء الشعبية، بمد يد المساعدة في التنمية والرفع من مستواه المعيشي ..وتفعيل برنامج دمج للأطفال المشردين، يمكن ذويهم من الإعالة عليهم، والصرف على دراستهم،ووضعهم في حالة تلامس الواقع الذي يعيشه غيرهم من الأطفال في الأحياء الراقية الغنية..يبقى عقبة في وجه وقف تسرب الأطفال إلى الشارع، وتشردهم، وانخراطهم في العصابات الإجرامية التي تلتقفهم كما تلتقم التمساح فريستها في بحر هائج.
محمد أحمد حبيب الله