منابر التضليل / المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

حديث أحد  شيوخ الدين في احدى الفضائيات يشرع ويحكم بما يرضي كبريائه وغروره من أحكام يطلقها على الناس بعيدا عن شريعة الله ومنهاجه الذي يأمر الناس بالعدل في أحكامهم والتحري بالأدلة القاطعة التي يتطلبها كل حكم ولكن شيخنا الجهبذ والعلامة يحكم على أكثر من ثلث الشعب المصري أنهم أبناء حرام وذلك يعتبر تجني على أكثر من خمسة وعشرون مليون مواطن ادعاء باطل في حقهم يتطلب المحاسبة لذلك الادعاء المسيئ واتخاذ الاجراءات القانونية تجاه تلك التهمة الظالمة على أن يمنع من الظهور في الفضائيات حيث تؤدي فتاويه وأحكامه لتشويه رسالة الاسلام وتضليل المسلمين بعيدا عن شرعة الله ومنهاجه معتمدا على مؤلفي الرويات المفتراة على الرسول عليه السلام كما هو موضح بما يلي :

أولا – استشهد بالسنة المؤلفة من بعض الروايات من البشر لخلق دين مواز لرسالة الإسلام يضلل المسلمين ويجعلهم يتخذون مواقف متناقضة مع شرع الله، الذي أساسه العدل والرحمة، في فتواه حيث قال (على الزوج اذا لم يستطع الانفاق يطلق زوجته ) ونسي قول الله في تشريعه للطلاق قوله سبحانه (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ) (البقرة: 233)، أي يكون الطلاق بين الزوجين في كل الأحوال بالتشاور والتراض بينهما وقال سبحانه (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 227)، تؤكد الاية الكريمة شرع الله أيضا أن تكون ارادة الطلاق مشتركة بين الطرفين البقرة  و يقول الله سبحانه عن مسئولية الزوج تجاه زوجته (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴿6﴾ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّـهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴿7﴾ ) الطلاق (6-7)

فلم يشرع الله سبحانه أن يطلق الرجل زوجته اذا ضاقت به الحال في الانفاق وأن  الله كلف رسوله  عليه السلام  بمهمة محددة، بالتزامه  بخطاب التكليف الإلهي ليبلغه للناس، فلم يجعله مشرعاً، إنما كانت مهمته مبلغاً لشرع الله ومنهاجه، ولم يأذن له بتأليف أقوال من عنده ، يترتب عليها التباس في عقيدة المسلمين تتناقض مع شرعة الله وأحكامه

      ولذلك تم السطو من قبل بعض الفقهاء وناقلي الروايات، وما صنعته الإسرائيليات لخلق دين مختلف عن دين الإسلام، ليتحقق ليخلق البلبة بينهم ويثير الفتنة ويسبب تعدد المراجع الاسلامية فبدلا من اتباع كتاب الله وآياته الذي أمرهم الله بقوله (اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ) (الأعراف: 3)، وقول الله يأمر المسلمين بالاعتصام بكتابه فيقول على لسان رسوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (آل عمران: 103)، استبدلوا كتاب الله بالروايات وهجروا الآيات عن قرآنه فتحقق لأعداء الاسلام تفريق المسلمين طوائفا وشيعا وأحزابا وتم تشويه رسالة الإسلام، لتضيع مع الخطاب الديني الذي ألفه علماء الدين وشيوخه الذين هجروا القرآن الذي أنزله الله على رسوله عليه السلام في مخاطبة الله له بقوله وعلى لسانه (كِتابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلا يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ) (الأعراف: 2)

      وهكذا يواجه المسلمون أخطاء فادحة في جميع الفتاوي التي لاتراعي شرعة الله ومنهاجه في كتابه المبين تأكيد لشكوى رسوله لله بقوله (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) (الفرقان: 30)، تخلق الالتباس بين المسلمين وتؤثر على حياتهم في التعامل بينهم، حينما يخرج هؤلاء على المسلمين بأحكام ضالة ينسبونها للإسلام، وهم يعلمون أن أحكام الله في قرآنه مؤسسة على العدل والرحمة والإحسان، وظهور بعض الذين يستخفون بآيات الله وأحكامه على منابر  الفضائيات ينشرون أحكامهم الظالمة والضالة على الناس بأسلوب مقزز ومهين، لا يتوافق مع ما أمر الله به المسلمين ، وما وجه به رسوله الأمين، بقوله سبحانه (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ) (النحل: 125).وقول الله مخاطبا رسوله الأمين (وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا) (الاسراء: 53)،  تلك صفات المسلمين في اسلوب الحوار بالحسنى والحكمة والموعظة الحسنة فأين شيخ الدين المشار اليه من تلك الصفات النبيلة والخلق العظيم.

فكيف يستقيم أمر الله مع ما تحدث به أحد المفتونين بعلمه، الفخور بقدراته اللغوية وبألاعيبه البهلوانية لإثارة المشاهدين ،بكل الغرور الذي لا يتفق وأخلاق القرآن، وصفات المسلمين في الكتاب المبين.

      إن الذين يشرفون على البرامج الدينية عليهم أن يتقوا الله ولا يسمحوا لأي كان، وصل به الغرور والتشدق بعلمه، ليلوث شرع الله ومنهاجه بأحكام ضالة يتبرأ منها شرع الله، ويوم الحساب سيقف الذين اتبعوه يوم القيامة، يبحثون عن الأعذار والمبررات، كما وصفهم الله سبحانه بقوله (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿66﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿67﴾ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿68﴾) (الأحزاب 66-68).

فمن ياترى من المسلمين لديه الاستعداد ليواجه مثل ذلك الموقف الرهيب وهل ورد قول الله وأمره للناس عبثا في قوله (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ(3)) (الاعراف:3) .

لقد وضع الشيخ المزعوم نفسه على الناس مرغمين بمشاهدته في الفضائيات، يصدر أحكاماً منسوبة للرسول افتراء وكذبا، بشأن حق الزوج أن يطلق زوجته إذا لم يستطع أن يؤدي نفقته ، وجعل المرأة مستأجرة وليست شريكة، شرع الله لها حقوقًا أكثر من الزوج، بمجمل الآيات العديدة في القرآن الكريم بأحكامه، وتوصياته برعاية الزوجة والعناية بها ،ثم يحكم حكما ظالماً على الشعب المصري بأن أكثرهم أبناء حرام .

كبرت كلمة تخرج من فم مهرج سولت له نفسه أن يحكم على الناس، والإعلام مازال يجري خلفه، ليقوم بدوره بتشويه رسالة الإسلام، وتلويث سمعة رسول الله عليه السلام.

       إن أمثال أولئك الضالين ينشرون الفتنة ويسعون في الأرض فسادا فلا يسمع الإنسان لهم  قولا، ولا ينتظر منهم نصيحة ولا رأياً ولا يسألهم عن دينه شيئا ، أولئك الذين وصفهم الله بقوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) (النساء: 61)، فلم يستطع أن يتفكر في قول الله سبحانه الذي خاطب به اهل الغرور (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا  ) (الإسراء:37).

زر الذهاب إلى الأعلى