جرم كورونا في اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
ان الصدمات النفسية أثناء الكوارث أو مابعد الكوارث والنوازل والحروب والأوبئة تخلف نتائج وخيمة في نفسية من عايشها او أصيب بها ولا شك ان وباء فيروس كورونا موفيد 19 وتحوارته سيخلف الكثير من الصدمات النفسية لدى كل من تعامل مع هذا الفيروس الفتاك سواء من المصابين به أو المتعافين منه أو المتعاملين معه في الصفوف الأمامية من القوات العسكرية والأطباء والكادر الطبي المساند أو المتطوعين و الى كافة البشر صغارا وكبارا وهذه الصدمات النفسية تختلف حدتها من شخص الى آخر بحسب صحته النفسية والعقلية و اتزانه بالاضافة الى البيئة من حوله من حيث الضمانات الكافية لصحته من عدمها فحتما ان لسياسة الدولة في تمكنها من توفير كافة الاحتياجات الضرورية من غذاء وأمن ووقاية طبية للأشخاص فله اثره الكبير في تهدئة النفوس والاطمئنان كما في دولة الكويت التي حرصت على وقاية وصحة وأمن كل شخص مقيم على أرضها فوفرت المأكل والقفازات والكمامات والفحص والطبابة بالمجان لكل فرد على أرضها باستعدادات وإمكانيات جبارة مهولة عجزت كبرى الدول عن توفيرها بل امتلك الدول الكبرى صرحت واعلنت استسلامها وتركت الشعب يخوض معركته مع فيروس كورونا وحيدا وسط الخوف والهلع من الموت.
أثبت طبيا وجود استعداد فطري للإصابة بالأمراض النفسية والتي يجب مواجهتها بمنح فرصة التعبير عن التجربة في مواجهة وباء كورونا وكافة المشاعر السلبية التي يواجهها الشخص وتعامل معها ذاتيا او شاركها مع الآخرين
وذلك لتجنب العواقب الوخيمة من حرمان الشخص من التعبير عن تجاربه .
وبيئة الشخص لها دور كبير في تشكيل نفسية الفرد وقدرته على التعبير عما يجول في نفسه ولعل أقسى البيئات تلك التي تشدد على إعلاء القوة الذكورية بشكل سلبي من حيث ملازمة العيب والضعف وانعدام الرجولة اذا الرجل بكى وعبر عن مخاوفه وضعفه تجاه تجربة ما وأيضا البيئة العسكرية بالنسبة للأشخاص العسكريين من رجال ونساء حيث اعلاء قيمة الوطن والتضحية في سبيل الوطن وطمس مشاعر الخوف والفزع والإحساس بالضعف وعدم التطرق اليها او التعبير عنها واليقين بانها عيب ولا يجب على العسكري الإحساس بها او التعبير عنها متجاوزا حقيقة انه في الاصل نفس بشرية تعتريها مشاعر يتأثر بها فإذا لم يجد الشخص متنفسًا له والتزم الصمت فعلى المدى القريب او البعيد سيصاب بالمرض النفسي وهذه مشكلة طبية لا تزال موجودة بشكل كبير حتى وقتنا الراهن وهي اضطرابات الصدمات النفسية ما بعد الأزمات والكوارث من حروب وزلازل ومجاعات وأوبئة ومنها ما نخوضه حاليا مع انتشار فيروس كورونا ( كوفيد١٩) وبالأشارة الى كتاب طبيبي النفس الفرنسيين (إف دافوين وجاي إم جوديلير) بعنوان “تاريخ الصدمات النفسية”
والفقرة التي تنص “إذا عجز المرء عن الإفصاح عن مكنون نفسه…فإنه لا يستطيع أن يظل صامتًا بهذا الشأن” وباللغه الفرنسية كما كتبت (Ce qu’on ne peut pas dire, on ne peut pas le taire).
وتلك العبارة أدت الى تركيز الدراسات البحثية الراهنة التي تتناول الحروب الحديثة بصورة أشمل وأوسع على آثار اضطرابات ما بعد الصدمة على الجنود والعسكريين وتأثيره على أدائهم العسكري لذا من الضروري الفحص النفسي و العقلي لمن تعامل مع الأزمات والكوارث بكافة اشكالها وصورها وعانى منها بصمت مطبق وبالذات العسكريين لضمان استمرار حسن أدائهم للمهام المناطة بهم ،
ان اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) يسمى أحيانا اضطراب الكرب التالي للرضح ( Posttraumatic stress disorder) هو الاضطراب الذي يحدث بعد التعرض لحدث صادم أو مشاهدته او معايشته او التعامل معه و قد تحدث الأعراض عن طريق المحفزات مثل الكلمات والأصوات والمواقف .
وسأشرح ذلك باختصار فبالنسبة للكلمات مثلا نجدها ( فيروس – كورونا- كوفيد١٩) وحتى الرقم ١٩ لوحده قد يستدعي كوفيد ١٩ وبالنسبة للأصوات فهي تتمثل بالكحة و العطس والنداء للمساعده والصراخ والأنين وبالنسبة للصورة البصرية أو الهيئة نجدها في الملابس من قفازات وكمام ومئزر طبي وأما بالنسبة للمواقف التي تذكر بالصدمة فهي رؤية الشخص ملقي على الارض ورؤية الكلينكس المرتبطة بالكحة والعطاس المرتبطين بفيروس كورونا .
وأريد أن أنوه الى ان نظام الحظر الذي منع الشخص من الذهاب الى العمل والنادي الصحي والمقاهي والمطاعم والتجمعات اضافة الى نظام الأكل الذي اختلف وكذلك نظام النوم والاستيقاظ فكل تلك التغييرات التي ترتبت بسبب انتشار فيروس كورونا وحتى رؤية الاطفال الصغار ومراقبتم لذويهم والبالغين من حولهم لمظاهر التوتر والقلق والخوف والهلع سينعكس سلبا عليهم وبشكل مبالغ كونه بعمر صغير كأن يخاف الطفل من إغلاق باب الحمام لئلا يدخل عليه كورونا من النافذة والباب مغلق ولا يستطيع الهروب أو يخاف ان يخرج الى خارج المنزل كي لا يهاجمه الكورونا.
من الناحية الطبية فان الجسم يطلق هرمونات التوتر وتظهر سلسلة من الأعراض الجسدية والعقلية والعاطفية
منها الصداع ومشاكل في المعدة والضعف الجنسي وتخيلات وقلق واكتئاب وهذه الأعراض تصيب الجميع على حد سواء المتعلم والجاهل العسكري المدرب والمدني الكبير في السن والشاب والطفل رجلا وامرأة .
فمن الضروري التحلي بالمناعة النفسية وتقويتها كتقوية المناعة الجسدية فكثير من الأمراض الجسدية هي أسقام نفسية وهي ما تعرف الأمراض النفس جسمانية
من الضروري مناقشة الاطفال عما يختلج في نفسياتهم وعدم الاستهزاء بمشاعرهم
والتي قد تتراءى لنا انها ساذجة سمجة وغير منطقية فالطفل بنفسية وعقلية تختلف تماما نفسية الطفل تفتقد للنضج النفسي والادراكي دعوا الاطفال يفضفضون ولا تسكتوهم دعوهم يرسمون لينفسوا عن أنفسهم اعطوهم مجالا للتنفيس عن أنفسهم فليصرخوا فليبكوا وكونوا بجانبهم واحتضنوهم تلمسوا توترهم وقلقهم وطمأنينهم انكم بجانبهم ومعهم وستتلمسون ذلك بحرص الطفل على التواجد معكم في ذات المكان في ذات الغرفة.
وماذا بشان من يحتاج الى علاج نفسي طبي فانه وفقا الى قانون الصحة النفسية الكويتي ٢٠١٩ في شأن علاج المرضى وبخاصة الحالات الطارئة كما في الوضع الراهن ووباء كورونا فأن المادة 11 هي الواجب الأخذ بها والمتعلقة بعلاج المريض حيث تنص على
يجوز في الحالات الطارئة اعطاء المريض النفسي العلاج دون الحصول على موافقته متى كان ذلك لازما لمنع حدوث تدهور وشيك للحالة النفسية او الجسدية للمريض من شأنها ان تعرض حياته وصحته او حياة وصحة الآخرين لخطر جسيم وشيك لفترة مؤقتة، وذلك لحين استقرار حالته الطارئة.
ويقصد بالحالات الطارئة في هذا الشأن ما يلي:
1 ـ ظهور علامات او دلائل او اعراض مرضية ترجح تدهور شديد او وشيك للحالة المرضية النفسية.
2 ـ اذا كانت حالة المريض تشكل تهديدا جديا قائما او وشيكا لسلامته او صحته او حياته او سلامة وصحة وحياة الآخرين.
3 ـ عدم استجابة المريض للارشادات العلاجية التي قد يترتب على عدم قبولها تهديدا لصحته وسلامته او صحة وسلامة الآخرين.
نسال الله السلامه الجسدية والنفسية والعقلية للجميع .
دمتم بود
تهاني العبيدلي/ مستشارة قانونية