وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا/ الكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
الامانة بحملها أي رسول مهمته توصيلها للمرسل اليه ولايملك الرسول تغيير محتوى الرسالة لأن ذلك يعتبر في حكم القانون والعرف خيانة للأمانة
فكيف اذا كان الرسول مكلف من الله بحمل الخطاب الالهي للناس وينطقه بلسانه ليبلغهم آياته ويبين لهم حكمة مقاصد كتابه القرآن الكريم لما يصلح حالهم في الدنيا ويعرفهم طريق الخير لما يحقق منفعتهم وصلاحهم وهو الامين عليه السلام على رسالة الاسلام
ليعرض على الناس ايات القرآن الكريم في قوله سبحانه
( الله نزل احسن الحديث ) فهل من المنطق أن يعرض على الناس حديثا غير الحديث الالهي مما يسبب الشك عند الناس ويحدث لديهم الالتباس بين مانسب للرسول من روايات أطلقوا عليها أحاديث لينشغل الناس بها عن الايات التي كلف الله رسوله بها ليبلغ بها الناس في القرآن الكريم يبشر المؤمنين بالخير والحياة الطيبة بلا بؤس وشقاء في سلام وأمن وهناء
ويحذر الناس من اتباع الشيطان واتباعه من طريق الشر والباطل حيث سيقودهم الى حياة الشقاء والضنك والبؤس وفي الاخرة يوردهم الى جهنم وبئس المصير
فهل كانت نية الرسول خيانة الامانة التي كلفه الله بها حاشا لله ان يكون ذلك عليه السلام فما تم تكليفه قام بكل الامانة لتبليغه للناس بكل الصدق والاخلاص للناس جميعا يتلو عليهم ايات القرآن ويشرح حكمته ويبين مقاصدها لمنفعة الناس جميعا دون استثناء
لذلك فما الذي تسبب فيه مؤلفين الروايات ونسبوها للرسول لقد شكلت للرسول صورة مشوهة واساءة متعمدة وتعريض لأمانته بإخلاله في
ابتداع أحاديث غير ماكلفه الله بتبليغه للناس من آي الذكر الحكيم تنافس القران بالرغم أن الرسول عليه السلام في خطبة الوداع أعلن للناس في يوم عرفة ما أمره الله سبحانه أن يبلغ الناس باستكمال الخطاب الالهي وإتمام كلماته فيما نطق به الرسول عن ربه قول الله سبحانه ( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) المائدة (٣) وقال الله سبحانه تأكيدًا لماسبق ( وتمت كلمت ربك صدقا وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) الأنعام ( ١١٥) فعندنا يعلن الرسول عليه السلام باستكمال الخطاب الالهي وإتمام كلماته على الناس فهل يبقى بعد ذلك أمرًا يضاف الى رسالة الاسلام يتطلب إضافة أو نقصان فهل من حمل الأمانة من خالق السماوات والأرض لينقذ الانسانية من شرور الشيطان وما يزينه للناس من ألأعمال السيئة ليرتكب الاثام والمعاصي والجرائم وسفك دماء الأبرياء بالظلم والبغي والعدوان أن يختار هداية الله التي تضمنتها آيات القران الكريم التي تدعوا الناس للرحمة والعدل والاحسان والتعاون والألفة ونشر السلام والحياة الطيبة في طمأنينة وآمان وعيش الكريم أحق أن يتبع أم إتباع من يدعوا للفرقة وقتل الانفس البريئة وتحفيز نوازع الشر في النفس الإنسانية لتفسد في الأرض وتنشر الخراب والدمار وخطاب الكراهية وتحرض على العدوان لتهلك الحرث والنسل ويعم الفزع والخوف والجوع والتشرد في المجتمعات الانسانية وتتسبب في خلق الطوائف والمرجعيات المتناقضة ويتم التنازع على السلطة والحكم واستباحت حقوق الانسان ويتحول أتباع تلك المرجعيات الى أوصياء على الانسان ووكلاء ان الله في الأرض يصدرون الأحكام وينفذون قتل الأبرياء بتهمة الكفر والارتداد عن دين الله بالرغم أن الله سبحانه حرر إرادة الانسان في إختيار عقيدته ودينه ومذهبه وتلك علاقة بين الانسان ورب الانسان المختص الأوحد بمحاسبته يوم القيامة كما قال سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام ( فذكر إنما أنت مذكر / لست عليهم بمسيطر / إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر / إن إلينا إيابهم / ثم إن علينا حسابهم ) الفاشية (٢١/٢٢/٢٣/٢٤/٣٥/٣٦) ولذلك خاطب الله رسوله عليه السلام بصيغة استنكارية
( تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله واياته يؤمنون ) الجاثية (٦)
وكأن الرسول يجيب الله سبحانه لتلك الاسباب ويشتكي لربه في قوله
( وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) الفرقان ( ٣٠)
فكيف زورا وافتروا على رسول الله عليه السلام وهو المكلف من الله سبحانه بقوله ( كتاب أنزل اليك فلايكن في صدرك حرج أن تنذر به وذكرى للمؤمنين ) الأعراف (٢)
ألم يحدد الله لرسوله مهمته بكل الوضوح لا لبس فيها ولاغموض ساطعة كالشمس في وضح النهار في أمره سبحانه لرسوله
( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) ق (٤٥) ولم يأمر الله رسوله عليه السلام بتبليغ الناس روايات من بنات أفكاره وتأليفه بل إنما كلفه بإيصال خطابه القران وشرح اياته وتبيان مقاصد حكمته فيها لكل ماينفع الانسان في حياته الدنيا وما يؤهله لنيل جزاءه جنات النعيم في الآخرة كما أمره سبحانه في قوله ( ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فمابلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدي القوم الكافرين ) المائدة (٦٧ ) والمسلم يعلم مالذي أنزله الله على رسوله الأمين أليس القرآن كتاب الله المبين الذي تشع منه أنوار الله على الأرض لتضيئ عقول عباده في الدنيا ويستعينون بنور الله في مسيرة الحياة لكي يحقق لهم الامان والحياة الطيبة في الدنيا وتحصنهم من الضلال والمضلين من ارتكاب المعاصي أو إغراء المجرمين ويهديهم الى طريق الحق المستقيم كما قال سبحانه يصف الذكر الحكيم ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا ) الإسراء (٩)
ألم يحن الوقت للمسلمين الرجوع الى كتاب الله ومافيه من المواعظ والتشريع والمنهاج الرباني للسلوك الانساني في المعاملات والعلاقات التي ترتقي بالانسان في اتباعه الاخلاق السامية والقيم النبيلة التى مارسها رسول الله عليه السلام سيرة وسلوكاًبكل معانيها وأوصافها التي تضمنها آيات الفرآن الكريم في دعوة المؤمنين الاقتداء بالرسول الأمين الذي كان قرآنا يمشي على الأرض يحمل مشاعل الأنوار الالهية في الآيات القرآنية ليعلم الناس أن رسالة الاسلام يترجمهاالمسلم سلوكاً وعملا وطاعة بكل الإخلاص على أرض الواقع أسوة بالرسول عليه السلام كما قال سبحانه يدعو المسلمين بالتأسي بأخلاق الرسول القرآنية ومعاملته الانسانية مع كل البشر بالرحمة والعدل والاحسان والرأفة والكلمة الطيبة ومواقفه ضد الظلم ومساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين والتفاني في خدمة المسلمين بالامانة والحسنى
والتسامح والعفو وحرصه على المسلمين ألا يرتكبوا المعاصي فنزل أقدامهم الى النار والخوف عليهم من التفرقة والتنازع وحب الدنيا والصراع على السلطة وكبح جماح النفس الأمارة بالسؤ وتحذيرهم من مغريات الشيطان واتباع قول الله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام ليجنبهم الوقوع في براثن عدو الانسان الشيطان وأعوانه من بني الانسان
( وقل لعبادي يقولو ا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا ) الإسراء
(٥٣)
ذلك كان حمية الرسول ورحمته لقومه وأتباعه كما وصفه الله سبحانه
( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفا رحيم ) التوبة (١٢٨)
لذلك أمر الله رسوله بأن ينذر الناس بالقرآن تأكيداً لقوله سبحانه
( قل إنما أنذركم بالوحي ولايسمع الصم الدعاء إذا ماينذرون ) الأنبياء (٤٥)
وكذلك يبين الله للناس في القرآن أنه ( وحي يوحى ) في قوله سبحانه
( وماينطق عن الهوى ) أن الرسول عليه السلام عندما ينطق بآيات القرآن لاينطق عن الهوى مايعني أن القرآن ليس كلام الرسول بل القرآن هو وحي من الله أنزله على رسوله في قوله سبحانه
( إن هو إلا وحي يوحى ) ذلك ما أكدته الاية السابقة أن الوحي يعني ( القرآن )
النجم (٤) تأكيدًا أيضا لقول الله سبحانه ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) الدخان ( ٥٨)
من أجل أن لا يقف المسلمون يوم القيامة ناكسي رؤوسهم نادمين على مافرطوا في حياتهم يناشدون ربهم كما وصف الله حالهم بقوله ( ولوترى إذ المجرمون ناكسوا روءسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاًإنا موقنون ) السجدة (١٢)
فيجيبهم الله سبحانه بقوله
( فذوقوا بمانسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ) السجدة (١٣)
ذلك تحذير الهي إستباقي للناس جميعا فمن سعى وهو مؤمن بكتاب الله واتبع شرعته ومنهاجه وعظاته وطبق ماأمره الله في كتابه
ولم يتبع غير ما بلغه رسول الله بآيات القرآن فسيكون من الذين أطاعوا الله واتبعوا مابلغهم رسول الله عليه السلام من آيات الكتاب المبين فجزاؤهم في الآخرة جنات النعيم أولئك الذين وصفهم الله بقوله سبحانه
( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا
ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لايستكبرون ) السجدة (١٥)
ومن هجر كتاب الله ولم يتبع ما بلغه رسول الله عليه السلام من آيات الذكر الحكيم ونسي الله وتحذيره
من التكبر على آياته وإتبع رويات البشر ضل الطريق
واتبع الشياطين وسلك سبيل الباطل واستعلى على آيات الله بأقوال البشر ولذلك وصفهم الله بقوله سبحانه ( وإذا ذكر الله وحده إشمأزت قلوب الذين لايؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ) الزمر (٤٥)
فلكل إنسان حق الاختيار فمن أراد طريق الحق للحياة الطيبة في الدنيا وجنة الإخرة عليه باتباع القرآن وطاعة الله بكل إخلاص والتزام بتطبيق شرعته ومنهاجه
ومن أراد طريق الباطل واتبع الشيطان وأعوانه عليه أن يتحمل نتيجة قراره يوم القيامة حيث لا ينفع الندم