صحيفة فرنسية: دولة ساحلستان تثير القلق بالمغرب العربي
قالت مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية إن الحركات الجهادية والمرتزقة الروس يقوضون أمن منطقة الساحل ويشكلون تهديدا متناميا لدول المغرب العربي
وأوضحت المجلة -في تقرير أعده بينوا دلماس- أن حدود منطقة الساحل وإن بدت بعيدة عن شواطئ البحر الأبيض المتوسط فهي قريبة منه لغياب أي حواجز مائية أو غيرها في تلك الصحراء مترامية الأطراف، مما يسهل انتقال محترفي نشر الفوضى والمهربين.
وتحت عنوان “دولة ’ساحلستان‘ في الصحراء الكبرى تثير القلق بالمغرب العربي”، يقول دلماس إن ما يدور في تلك الصحراء، التي تمتد من موريتانيا غربا إلى السودان شرقا، يبدو أنه هو قدر منطقة الساحل، حيث تنشط جماعتان هما تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، وهما عازمتان على تقويض الاستقرار والهدوء في الساحل، خاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، الدول التي يسقط فيها أغلب ضحاياهم من المدنيين.
ورغم تأكيدات رسمية سابقة تنفي وجود أي أدلة على عمليات تسلل من مركز منطقة الساحل نحو المغرب العربي، حيث تلتقي الصحراء المالية ونظيرتها الليبية، فإن عامين من أزمة كورونا وما نجم عنهما من تداعيات سحقت اقتصادات دول الساحل الفاشلة أصلا، فضلا عن حرب في أوكرانيا وما ترتب عليها من تداعيات عالمية غيرت التوجهات الجيوسياسية، وفق الكاتب.
ويرى الكاتب أن الأخطار تزايدت في المنطقة بسبب انتشار ظاهرة الإرهاب والارتزاق والمواجهة بين روسيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تفكك بعض الدول، بحيث أصبح حكم باماكو في أيدي انقلابيين وخرجت من مجموعة دول الساحل الخمس التي هي أداة محاربة الإرهاب، لتتعاقد مع مرتزقة فاغنر الروسية، كما شهدت واغادوغو أيضا انقلابا، وبالتالي لم تعد حدود المنطقة آمنة، علما أن لدى مالي والنيجر حدودا طويلة جدا مع الجزائر وليبيا.
عنف وعمليات تهريب
ويوضح تقرير لوبوان أن نيران الحركات الجهادية في منطقة الساحل تدمر الحدود والدول، حيث توجد في المنطقة جماعتان هما تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وحركة “أنصار الدين” اللتان توجد بينهما صدامات رغم سعيهما للهدف نفسه المتمثل في فرض الشريعة الإسلامية في المنطقة.
ويشير التقرير إلى أن هذه الواجهة الدينية للتنظيمين تخفي خلفها جريمة أخرى لا تقل خطورة عن العنف، هي عمليات التهريب الضخمة التي تجري في المنطقة.
ويرى الكاتب أن حماس التنظيمات الجهادية المفترض لتحقيق أهدافها تلك لم يمنع نهمها للمال، حيث تسعى للحصول على اليورو والدولار ومقايضة البضائع، وتوجد مكاتب صرافة حقيقية وأعمال تهريب وتلاعب بالجمارك وموظفي الضرائب، ويمكن للمهربين عبر الشاحنات الصغيرة نقل كل شيء، من مكيفات الهواء إلى القهوة والحبوب.
ونبّه الكاتب إلى وجود علاقة بين روسيا وما يحدث في المنطقة، مستدلا على ذلك بعودة طائرة تابعة للحكومة المالية من موسكو وهي تحمل ما يمكن أن يقال عنه إنه “أوامر للانقلابيين” بعد أسبوع من قرار خروجهم من مجموعة دول الساحل.
ويشير الكاتب إلى أن الضغوط تزداد على الدول الأفريقية التي تعتقد أن لا علاقة لها بالحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا، وذلك بسبب نقص الغذاء الذي يعد أكثر فتكا من الكلاشينكوف في قارة تفتقر إلى القمح والخبز واستقرار السلطة، وتستورد نصف احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي يعني أن شبكات التهريب ستحقق أرباحا مذهلة من تهريب القمح خلال هذه الأزمة الغذائية.
المغرب العربي تحت تهديد الساحل
وخلص الكاتب إلى أن مؤشرات الخطر زادت في كل من الجزائر وليبيا وتونس والمغرب، ولم تبق تونس بمنأى عما يحصل في المنطقة حيث تعرضت لـ3 هجمات إرهابية كبيرة عام 2015، ولحقت أضرار بالغة باقتصادها جراء ذلك، في حين تغلبت ليبيا على تنظيم الدولة في أراضيها بعد قتال شرس. وبعد 7 سنوات من محاربة تلك التنظيمات، يقول الكاتب، إن المغرب العربي لا يزال يتعرض للتهديد القادم من منطقة الساحل، حيث تدور حرب عنيفة في تلك الصحراء الحارة، ويعلن من حين لآخر القضاء على قادة جهاديين من دون أن يؤدي ذلك إلى القضاء على تلك التنظيمات وعملياتها في المنطقة.