سندريلا.. المرشحة الافتراضية للبرلمان اللبناني التي تسعى لتكون طوق النجاة للرئيس السابق
محمد ناجي أحمدو
في الرابع من إبريل الماضي، لنسمه نيسان وفاقا للتسمية الرسمية للشهور في لبنان، أعلنت سندريلا مرهج انسحابها من السباق على المقعد النيابي الماروني في دائرة البقاع الثالثة: بعلبك – الهرمل.
وجاء في رسالة مطولة نشرتها المحامية الشابة “يسأل كثيرون لماذا أترشح لدورتين متتاليتين عن بعلبك الهرمل على الرغم من أنّي لست مقيّدة على سجلات نفوسها.
الجواب بسيط أعود وأكرّره: عدا عن أني أتحدّر برابطة الدمّ من اليمونة وأحبّ بعلبك الهرمل ورمزيتها وناسها وأقطن فيها، فلأنّي أنبذ التقسيم الاداري الانتخابي الحالي الظالم وأحلم بقانون انتخابات خارج القيد الطائفي والمناطقي، يكون لبنان فيه دائرة واحدة”.
ترشح عبثي استعراضي قامت به الشابة المحبة للأضواء، حيث تنص شكلية الترشح التي يلزم بها المتقدم للانتخابات المترشح بإفادة تؤكد تسجيله على نفس الدائرة التي يترشح منها.
المقعد ذهب إلى مرشح القوات اللبنانية انطوان حبشي، القوات اللبنانية حزب سياسي مسيحي، أنشأه الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل عام 1976 ليكون ذراعا عسكريا للكتائب التي كانت مندمجة في حربها ضد الوجود الفلسطيني في لبنان بالتمالؤ والتعاضد مع إسرائيل، بعد مقتل بشير الجميل آلت قيادة القوات إلى سمير جعجع الذي انشق على ميليشياه، وفك الارتباط مع الكتائب، قبل أن يحول القوات اللبنانية إلى حزب سياسي، ويسلم سلاحها للجيش اللبناني، غداة اتفاق الطائف التاريخي عام 1989.
عائلة مرهج تنمى إلى قبيلة غسان ذات الأصول اليمانية، والتي تملكت تخوم الشام وشمال الجزيرة، موالية للروم البيزنطيين، وواقفة بالمرصاد للمناذرة ظل الفرس في المجال العربي، ومن أبرز المنحدرين منها الذين بزغوا في السياسة اللبنانية وزير الداخلية في التسعينات بشارة مرهج.
درست سندريلا، التي أخذت اسمها من أسطورة في الأدب العالمي، تمجد فعل الخير في كل الأحوال، وتكرس أن الأفعال الحسنة رغم المعاناة تنتج نتائج حسنة، درست الحقوق في الجامعة اللبنانية وتحمل شهادات في إدارة الأعمال والقانون الجزائي.
ولم تفصح سيرها الذاتية المنشورة في عدد من المواقع والمنصات عن تاريخ ميلادها.
ولا تعد المحامية سندريلا من المحامين المشهورين في لبنان عن طريق الترافع وكسب القضايا، بقدر ما تشتهر بنشاطها في المجال الإعلامي.
ويقول الكاتب اللبناني علي شندب، تعليقا على انتدابها من طرف الرئيس الموريتاني السابق إنها ليست من الصف الأول من محامي لبنان، وإنها شخصية استعراضية.
فيما يرى أحد داعميها، وهو الكاتب حسين سليم الحاج يونس، في مقال انطباعي نشر في ديسمبر الماضي إنها “حققت الكثير من النّجاحات في مجالها الإعلامي والعديد من المجالات المختلفة”؛ ومن الغريب أن يعتبر كاتب المجال الإعلامي المجال الرئيس لمحام.
ويواصل أنها “حصلت على الشّهادات العلميّة في مجالات مُتنوّعة، وعُرفت شخصيّتها القويّة بين النّاس في وطنها لبنان وفي أقطار الوطن العربي. فلها مكانة واسعة وكبيرة لدى جمهورها، حيث حقّقت شهرة واسعة، حيث انتقلت بين العديد من المدن”…
العلاقة بين مقال يونس ومقالات نقرؤها يوميا في موريتانيا وثيقة، فالواضح أن الكاتب يريد التلميع، ويقترض العبارات الفضفاضة، وخط تحرير المقال مستتر.
مباشرة بعد انسحاب المحامية الإعلامي من السباق النيابي الذي لم تدخله بصفة فعلية، وجدت الشابة نفسها ضمن فريق يحامي عن الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم في قضايا فساد مالي، يصر محاموه ومن بينهم المحامية اللبنانية المزدادة في جبيل، على أنه استهداف سياسي.
أولى “معارك” بنت جبيل كانت مرافعة غير موفقة حسب فريق الدفاع عن الدولة الموريتانية، حين حاججت بأن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لا يحمل صفة الموظف العمومي، مشددة على أن قانون الفساد الصادر في 2016 لا ينطبق عليه.
وأضافت سندريلا في بيان لها أن القانون المذكور يعاقبُ الموظفين العموميين على جرائم الفساد، مشيرة إلى أن الرئيس بموجب الدستور الموريتاني “يمارس السلطة التنفيذية وليس شاغلاً لمنصب تنفيذي”، على حد توصيفها.
وجاء في البيان: “أنّ قانون مكافحة الفساد لا تنطبق نصوصه على أفعال مارسها رئيس جمهورية طوال مدة ولايته، والقانون المذكور لم يلغِ أو يعدل صراحةً القانون 9/93 الخاص بالوظيفة العمومية ما يبقي هذا الأخير نافذاً لجهة شرح مفهوم موظف عمومي. ويبقى الدستور أعلى مرتبة من كل القوانين”.
رد فريق دفاع الطرف المدني لم يتأخر كثيرا، حيث جاء موقعا باسم نقيب المحامين إبراهيم ولد أبت، الذي طعن في المرافعة شكلا وأصلا.
حيث أنه حسب ولد أبت فإن الأستاذة سندريلا مرهج أسدت، عن بعد، وهي في بيروت، توبيخها للقضاء الموريتاني دون أن تكلف نفسها -في الظاهر من الحال -عناء الاطلاع على الملف ودون أن تقوم بإجراء ولو واحد في المسطرة حتى أنها ظلت خارج موريتانيا ولم تشعر لا وكيل الجمهورية ولا نقيب الهيئة الوطنية للمحامين بأنها تعهدت في هذه القضية خروجا على قواعد المهنة وآدابها”.
ليصل إلى ما وصفه بالتناقض في طرح المحامية، قائلا: “تمضي الأستاذة، دون حرج، في تحليل نصوص القانون الموريتاني الذي يظهر أنها لما تأخذ بناصيته معرضة نفسها إلى شيء من التضارب فيما تبنته من مواقف، وتبسيط مخل لما عبرت عنه من رأي”.
ويواصل ولد أبت قائلا “إن خط الدفاع الذي تبنته زميلتنا لا يخلو من شيء من الغموض حتى لا نصفه بعدم الانسجام بعضه مع البعض فبعد أن غردت، تقول أن الرئيس السابق لا ينوي اتخاذ الحصانة درعا واقيا أمام المساءلة علنا، وطالبت له بمحاكمة علنية وشفافة، ووعدت بأن موكلها سيكشف حينها أمام العالم المصادر المشروعة لثروته، إذا بها تثير اليوم في بيانها “الحصانة الدستورية” التي تحمي، حسب زعمها موكلها من المساءلة أمام المحاكم”.
طريق المحامية اللبنانية إلى الدفاع عن عزيز طريق من المرجح أنه مر بالأستاذ محمدن ولد الشدو، الشاعر والكاتب المعروف، الذي يرأس فريق الدفاع عن الرئيس السابق، والذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع الساحة اللبنانية، كانت آخر تجلياتها كتاب أصدره مؤخرا تحت عنوان “سفارة الأرز”، حول حلقات التواصل بين نار بيروت ونار كنار، كما يسمي إخوتنا السنغاليون عرب القطرين.
ويبدو الهدف الرئيس خلف اختيار المحامية هو البحث عن صدى إعلامي وزخم للمحاكمة، حيث من البديهي أن ما لم تحققه مرافعات الأساتذة الموريتانيين المتمرسين لن تحققه مرافعة فتاة عابرة، لم تطلع على الترسانة القانونية المحلية، ولم تتمرس في المحاكم الموريتانية، وتعتبر المحاماة هما ثانويا بالنسبة لها.
بالإضافة إلى محطتها في موريتانيا، تصر المحامية مرهج على الدخول في معركة خارجية في البحرين، حيث دأبت على وصف النظام في المملكة الخليجية بأنه ينتهك حقوق الإنسان، وهاجمت السلطات البحرينية على خلفية استياء الأخيرة من مؤتمر انعقد في لبنان وجهت فيه اتهامات لسلطات المنامة، وتطور الأمر إلى أزمة في علاقات البلدين.
سندريلا: التي تحب أن تحارب في جبهات متعددة، دخلت ميدان الدفاع عن عزيز، فهل ستكون الحصان الأسود، أم أن القعقعة الإعلامية ستسفر عن نتيجة صفر كيلو غرام طحين؟