الكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. السنة الهجرية وهجر القرآن
الدليل على اختطاف الروايات للآيات وهجر القرآن ما تعيشه الأمة الإسلامية فى تحديد بداية كل شهر، حيث يظل الناس مترددين قلقين لا يعرفون متى تبدأ الشهور عندهم، ومتى تبدأ السنة، ونراهم تائهين فى تحديد شهور العبادات شهر رمضان، أو أوقات الحج مما يجعل المسلمين مثار مهزلة أمام العالم فى الوقت الذى امر الله المسلمين بتحديد الشهور والسنين عن طريق حساب الفلك فى قوله سبحانه وتعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) سورة يونس (5 ) .
وقوله تعالى :(َيسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٨٩﴾ سورة البقرة. وقوله تعالى : ﴿٩٦﴾ وَهُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجومَ لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ ﴿٩٧﴾ وَهُوَ الَّذي أَنشَأَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ فَمُستَقَرٌّ وَمُستَودَعٌ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَفقَهونَ ﴿٩٨﴾ سورة الأنعام. وقوله تعالى : ﴿ اللَّـهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجري لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُم بِلِقاءِ رَبِّكُم توقِنونَ ﴿٢﴾ سورة الرعد.
وقوله تعالى ﴿٣٢﴾ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ ﴿٣٣﴾ وَآتاكُم مِن كُلِّ ما سَأَلتُموهُ وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّـهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلومٌ كَفّارٌ ﴿٣٤﴾ سورة إبراهيم. وقوله تعالى (36) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41) سورة يس.
وكان ذلك الأمر منذ أربعة عشر قرنا أعرضنا عن أمر الله واتبعنا وجرينا خلف الروايات المزورة والمنسوبة للرسول، فى قول اصحاب الروايات (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) واتخذت تلك الرواية قاعدة يتم بها تحديد الشهور وبدايات السنين، فى الوقت الذى أصبحت التكنولوجيا ووسائل الاستطلاع المختلفة تستطيع معرفة لحظة يولد الهلال، والمسلمون مازالوا يعيشون فى السنة الأولى الهجرية يستطلعون الشهور بالبحث عن ظهور الهلال بالعين المجردة، وهو ما يؤكد تخلفنا عن العالم المعاصر أربعة عشر قرنا، بالرغم ان آيات القرآن سبقت العالم فى استطلاع بدايات الشهور بواسطة الفلك، كما ذكرت الآيات السابقة فلماذا تأخر المسلمون؟! الجواب لأنهم تركوا كتاب الله وراء ظهورهم، واعتمدوا الروايات مرجعا دينيا، وكانت تلك الكارثة على تاخر المسلمين عن التقدم العلمي ، ونسي المسلمون بأن من حمله الله بكتابه ، وبلغ آياته للناس هو محمد رسول الله، فكيف يمكن أن يناقض الرسول كلام الله الذي يأمر عباده بدراسة الفلك ومنازل القمر لتحديد الشهور بالحساب، ويأمر الناس بنقيضه؟!
ألم تكن تلك فرية ليتوه المسلمون قلقين مترددين لا يعرفون متى تبدأ السنة الهجرية ومتى تبدأ شهور العبادات؟! أليس ذلك جحود لكتاب الله وهجر للقرآن؟ ألم ينذرنا الله سبحانه فى قوله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) ألا يعيش اليوم المسلمون حياة الضنك من صراع واقتتال، وتسببت الروايات فى خلق مرجعيات متناقضة مزقت المسلمين فرقا وطوائف وأبعدتهم عن كتاب الله حتى وصل بهم الأمر اختلاف على مطالع الشهور وبداية السنين.. فلنرجع لكتاب الله ليرشدنا للطريق المستقيم ويهدينا سبل الصلاح والسلام.