“وحمة” المهرجانات/الولي سيدي هيبه
الموريتاني : فيما السيول تحاصر عمق كل ولايات الوطن وأحياء عاصمتي البلد الاقتصادية ن”واذيبو” والسياسية “نواكشوط” وتأثرت الطرق مقطعة أوصال البلد، وفي ظل ارتفاع سعر الوقود، تبقى المهرجانات المكلفة العقيمة هي وحدها هاجس منظميها ويظل ما ينفق عليها وتستنزفه من الخزينة العامة هو الهدف دون اهتمام بالمخرج التي تندرج فائدته ضمن سجل تنمية البلد اقتصاديا والرفع من مستوى كل أوجه الثقافة الإيجابية. “مهرجان دولي للتمور الموريتانية” هو العنوان الكبير الذي ينتشر هذه الأيام كالنار في الهشيم على واجهات المواقع وصفحات النشريات ونوافذ وبوابات المجموعات، مهزلة كرنفالية ستضاف إلى سلسلة المهرجانات العقيمة والكرنفالات المقيدة عن “الجد” في البحث عن أسباب التطور وشحذ همم الخلق والإبداع في دائرة السعي إلى التحفيز على العمل والبناء بعيدا عن مقاصد الترف والاسترخاء، لتستنزف أموال من الخزينة علي حساب الأولويات الملحة وتمر إلى الجيوب مر الكرام ويسدل الستار عليها ليلتهمها النسيان. وتشي الحقيقة المرة بإن كل الشواهد تثبت أنه لا إنتاج استحق فيما مضى وقد يستحق الذكر في الحاضر أو يستطيع المنافسة، وأنه لا حصاد مجني استطاع أن يبرر يوما هذه الظاهرة المرضية المتكررة. لا مراء في أن أنواع تمور المحلية لم ترق بعد إلى مستوى “التقدير” العلمي والاعتبار “الغذائي” كما هو الحال بالنسبة للتمور الجزائرية والتونسية التي أصبحت ماركة “دقلة” العالمية وقد اكتسبت:ـ سمعة دولية واسعة،ـ وأسواق عالمية كبيرة تتسع باضطراد، ـ وقدرة القائمين على المعالجة الإنتاجية في مصانع كبيرة مجهزة بالآلات الحديثة ومدعومة بالأدوات التقنية لفحص القطاف وتحقيق العلمية البحثية والصحية للمعالجة، ـ واتباع المعايير بصرامة لضمان جودة المنتج الضرورية من ناحية، واستمرار العناية الدائمة بالنخيل في حقوله التي أصبحت تحتل مساحات معتبرة وتشغل يدا عاملة وافرة ذات مهارات عالية وكفاءة كبيرة من ناحية أخري. وجدير بالذكر أن هذه التمور المحسنة بالمقاييس العلمية المتطورة أثبتت من خلال الكم والجودة أنها تستطيع المنافسة بثقة شديدة في أسواق التمور العالمية وحيث أنها تشارك مع دول كثيرة منتجة له، بكميات تؤمن الحضور اللافت والمعتبر وتحقق مردودا ماليا كبيرا من خلال التسويق، ومصدر دخل معتبر من العملة الصعبة لبلدانها، تشارك هذه الدول إلى جانب العراق، سيدة النخيل بلا منازع، من بعد ما نجح الكثير منها في زراعة النخيل بكل أنواعه وحقق إنتاج كثير من التمور وقد أمتلك لذلك تكنولوجيا تحسين النوعيات في المختبرات وتكييفها مع جميع أصناف التربة والمناخ المتقلب.و بالطبع تشارك أيضا هذه الدول ، خلال كل موسم قطاف، في تنظيم معارض لمنتجاتها على غرار البلدان المنافسة؛ معارض اقتصادية بالدرجة الأولى تشهد إقبالا منقطع النظير وتشكل فرصة لبيع المنتج عبر الصفقات العديدة والشراكات المتنوعة وتبادل للخبرات والتجارب حول السلالات المستحدثة.و في هذه الدول تتزامن على العادة هذه المعارض مع مهرجانات ذات طابع ثقافي ليحصل التكامل بين “المفيدين” و تتأصل لدى المشارك فكرة الجمع و ترشيد المصروفات لصالح:ـ أثر يبقى في الذاكرة و السلوك،ـ و معلمة تخلد الحدث و تزيد جمال و رونق المكان.و حتى نصل بواحات نخيلنا الضعيفة العطاء مثلها مثل ثروتنا الحيوانية الكبيرة و لكنها المفتقدة إلى التحسين فإن الأموال يجب أن توجه و تصرف في تحريك عجلة هذه الأقطاب لتلتحم بمسار التطور و تسهم في رفع تحديات التخلف، وإلا فإن عادة إقامة هذه التظاهرات العقيمة ستظل تستنزف ميزانيات البلد في كل نزوة يتقدم بها محاكي لغيره. و في هذا الإطار لا يستبعد استحداث مهرجانات لـ:ـ توكة،ـ النبق،ـ الكارور،ـ العيش،ـ باسي، الخ..