خطاب بيرام الداه اعبيد في البعلاتيّه: أمام ضريحي بابه ولد الشيخ سيديّ والمختار ولد داداه

نص الخطاب: ـ اليوم، 23 أكتوبر 2022، وبوصفنا معجبين ومريدين متشبثين بأفكاركما وبرؤاكما وبأفعالكما المخلصة والنزيهة والمتّسقة التي تجرّأتما عليها، جئنا نجْثو، أمام جَدَثَيْكما، كي نحتسي من منهل شرعيتنا كأمة.
وهكذا جئنا من أجل أن نغرف منكما القوةَ التي تجعلنا نقف شامخين أمام قطب المحافظة والإقصاء الذي ينتصب مَطبّةً حائلةً كابحة لمشروع إعادة تأسيس الدولة التي أقمتما على خدمتها بتفانٍ ونجاح.
لقد تصور الشيخ سيديّ بابَه خيالَ موريتانيا، وحققه المختار ولد داداه في ظرف سنوات معدودة من الكدّ والاستقامة، قبل أن يطبع عليه، بالحبر اللاصق، وصفَ “همزة الوصل” بين الفضاء المغاربي وإفريقيا جنوب الصحراء.
لقد ألحّ الشيخ سيديّ بابَه على رفض السيبة، وفضّل الحوارَ دون أن يُسَفّهَ أبدا أولئك الذين يكافحون المستعمر دفاعا عن كرامتهم. وعَرَف المختار ولد داداه كيف يجرُّ وراءه، بمثاليته وصرامته اللبقة، جيلين من الأطر المثاليين، تَبعاه بحماس منقطع، وعرف كيف يجعل الموريتانيين يحلمون، وكيف يمنحهم عدالة مستقلة وإدارة نشطة، كما عرف، على الخصوص، كيف يُغدق عليهم بمدرسة ذات جودة عالية.
أيها الرجلان العظيمان، إن شعبكما يغرق، منذ عقود، في نطاح من المنزلقات العنيفة المدوّخة باتجاه الجانب المعاكس لتعاليمكما. فبعدكما لم يعش طويلا، لا التنوع الثقافي واللغوي، ولا الانفتاح على العالم، ولا الإخلاص في تسيير السلطة. وخَلَفَ من بعدِكما خَلـْـفٌ بدّدُوا إرثَكما النبيل. فلندعُ اللهَ أن يبارك في ما تركتما من أعمال جليلة، ما نحن إلا حصادَها الواعد.