“تكويم” التعليم العالي في نواكشوط.. متى تعي الحكومة ضرورة انتصاب المؤسسات بالداخل؟
شكل تجميع معظم مؤسسات التعليم العالي في العاصمة نواكشوط، أبرز أسباب نزوح الأسر الموريتانية من المدن الداخلية إلى نواكشوط، بغية تمكين أبنائها من متابعة دراستهم الجامعية.
ورغم هجرة سكان الأرياف إلى المدن بسبب الجفاف والتصحر والفقر وتردي الأوضاع المعيشية، تعاني المدن هي الأخرى نزوحا سكانيا إلى نواكشوط بسبب عوامل تبدأ بغياب مستلزمات الحياة الكريمة، ولا تنتهي عند رحلة الأسر بحثا عن توفير تعليم عالي لأبنائهم، والذي لا يزال حصرا في العاصمة نواكشوط.
ولعل فشل الدولة الموريتانية في تثبيت السكان في مناطقهم الأصلية، كان بسبب عجزها عن توفير بدائل للأسر في مجالي الصحة والتعليم، الدافع الأساسي لرحلة الأسر إلى العاصمة نواكشوط.
ويرى مهتمين بالجانب النقابي، أن غياب انتصاب المؤسسات في الولايات الداخلية، لا يدع مجالا للحديث عن سياسية التشغيل وامتصاص البطالة، بل يدفع البطالة للنزوح إلى العاصمة نواكشوط، لتراكم المؤسسات فيها، ولتحولها مؤخرا إلى معبر لهجرة الشباب الموريتاني إلى الخارج.
ورغم تجميع مؤسسات التعليم العالي في نواكشوط، تخلوا ابعد الولايات من العاصمة نواكشوط، وأكثرها سكانا من أي “كلية أو مؤسسة للتعليم العالي”، يمكن أن تشكل بديلا عن نزوح الأسر بأبنائها إلى نواكشوط.
ويُعبر احد أساتذة التعليم العالي في حديث لموقع “الموريتاني” عن استغرابه لتاريخ سياسة تجميع مقومات الدولة الموريتانية في حيز جغرافي واحد.
ويشير إلى أن الاقصاء من انتصاب الموسسات العمومية ليس واقع في الولايات الداخلية، بقدر ما هو صورة مصغرة في العاصمة نواكشوط، حيث يفرض تكويم المؤسسات في مساحة واحدة، جميع سكان نواكشوط إلى التوجه صباح كل يوم إلى جهة واحدة بسبب سياسية تكويم وتكديس مقومات الدولة في مكان واحد.
ولا يستبعد أن تكون هستيريا “تكويم مقدرات الدولة في مكان واحدة” العائق الأكبر أمام تنمية المناطق وسبب في غياب المساواة وتكافئ الفرص بين أبناء الوطن الواحد.